28‏/05‏/2010

اذاعدت يوما للمكان ولم تجدني؟


إذاعدت يوما للمكان ولم تجدني؟!
و أَشَاْرُوا حِينَها إلى نَعْشِيْ !!
فَلا تَحْزَنْ و لا تَبْكِي
و لا تَذْهَب إلى قَبْرِيْ
لتَسْكُب َحُزْنُك َالبَاقِِي
فلا قَبْرِيْ سَيُزْهِرُ حِيْنَمَاْ تَبْكِي
و لا رُوْحِي سَتُرْجَعُهَا الى جَسْدِي
و عُدْ لِمَكَانْ لُقْيَاْنَا
سَتَلْقَىْ شَاْرِدَاً يَهْذِيْ
فَأْنْصِتْ جَيْدَاً لِمَاْ يَهْذِيْ
سَتَسْمَعُهُ يَقُوْلُ " رَثَاْكَ قَبْلَ اْلمَوْتِ "
فَأِنْ لَمْ تُدْرِكَ مَاْ قَاْل فَدَعْهُ لأنْهُ يَهْذِيْ
و لا تَسْأَلْ لِمَا يَهْذِي
تَقَدَمْ نَحْوَ صُنْدُوقٍ سَتَلْمَحُهُ عَلَى الكُرْسِيْ
سَتَلْقَىْ فِيْهِ أَوْرَاْقِيْ و أَقْلامِيْ
و فِيْهَا وَرْدَةٌ جَفْتْ كَأيامِي
لَقْد دَونتُ أشْعَاْرِي بِحِبْرٍ احْمَرٍ قَاْنِيْ
و إِنْ لَمْ تَشْعُرْ بِقَاْفِيْتِيْ
فِدَعْهَا عَنْكَ و تْرُكْهَا
لأَنْكَ بَعْد لَمْ تَفْهَمْ مُعَاْنَاْتِي
تَرَكْت ُلوَرْدَةَ تُعْطِيْكَ مَعَاْنِيْ كُنْتَ تَجْهَلُهَاْ حِيْنَمَاْ قَرَرْتَ ِإْبعَادِي
تَوجْه إلى جُدُرِ المَكَانْ تَحْسَسْ نَبْضَ وجْدَانِيْ
لأن النَبْضَ أَحْيَانَاً يَضْلُ حَبِيْسَهُ الجُدْرَانْ
هُنَا عَاْدَ صَدَىْ صَوتُ ألحَاْنِي
هُنَا وَدَعْتُ أَحْلامِي و اسْتَقْبَلْتُ أَحْزَانِي
هُنَا عُشْتُ وَحْدَيْ أَرْقُبُ الآتي
لِمَا الآنَ تَذَكَرْتَ بِأَن القَلْبَ مُشْتَاقٌ لأيَامِي
لِمَا و اليَومَ أَصْبَحْتُ مِنْ الأمْوَاْت يَاْ بَاكِي
صَارَفَرْشِي تُرَابْ
حَولِي تُرَابْ
تِحْتِي تُرَاب
ْتَذَكَرْ حِيْنَهَا أَنِيْ مِنَ المَاضِيْ
إذَاً.. فَرْحَلْ ..!!و لا تَبْكِيْ فَمَا عَادَ ألبُكَا يُجْدِيْ
لِأَنْكَ أَبْعَدْ بَعِيْدٍ في سُؤْلِي
و أقْرَبْ الى الغَرْيبْ في هَجْرِي
و لا تَحْزَنْ عَلَىْ مَا فَاتْ كَحُزْنِي الْذِي قَدْ مَاتْ
و لا تَشْعُرْ بِالأسى نَحْوِيْ
عَذَرْتُكَ يا غَرِيبُ
و لا أَحْمِلُ الكُرْهَ في قَلْبِيْ
فَقَدْ وَدَعْتُ أَيَامِيْ بَقَلْبٍ طَاهِرٍ سَامِي
و لا أَسْأَلكَ غَيْرَ رَجَاءْ
بِأْنَ تَدْعُوا في ظَهْرِ الغَيب
بِأَنَ الله يَرْحَمُنِي و في الجَنَاتِ يُسْكِنُنِيْ .

اقرأ المزيد..

24‏/05‏/2010

اسوأ..أجمل..أفضل..أصعب..

أسوأ الأمور:
زمن تختلط فيه أقدار الناس... يصبح الصغير كبيراً ويصبح الكبير صغيراً، ويغدو فيه الجاهل عالماً ويصبح العالم جاهلاً، ويموت فيه أصحاب المواهب ويقفز على قمته الجهلاء.
أسوأ الأوطان:
وطن يعطيه الإنسان عمراً ويبخل عليه بساعة صفاء.
أسوأ المشاعر:
أن يصبح مصيري في يد من لا يعرف قدري، وأن أنام خائفا من ان أمسي ومنزعجاً من يومي ومتحسراً على ما هو آتِ.
أسوأ الشعوب:
شعوب تمسك بها النيران من كل جانب ولا تحاول حتى أن تصرخ، وتحيط بها النكبات من كل مكان ولا تحاول حتى أن ترفض، ويحكمها الشر وترضى، ويسود فيها الصغار وترضخ، ويذبح فيها الشرفاء كل يوم وتضحك.
أسوأ العقول:
عقل يرفض كل شئ أو يقبل كل شئ، يذكرني بمحطات القطارات، باب للدخول وباب للخروج ولا يبقى فيها أحد .
أسوأ الذكريات:
إنسان أحببته ولا تتمنى أن تراه .
أسوأ صداقه:
ان يكون قلبك ممتلئ بكل اشوق والحنين..وتلقى شعور معاكس وبرود قاتل من الذين حفرت أسمائهم على لوح الصداقه الحقيقيه .
أسوأ المواقف:
أن تكون محباَ غير محبوب .
أجمل الأزمنة:
زمان يعرف قدري، ينصفني إذا أعطيت، يعاقبني إذا أخطأت، لا مكان فيه لحاقد أو مزيف أو دجال .
أجمل الاوطان:
وطن يعطيني بقدر عطائي ولا يخذلني في حبي .
أجمل المشاعر:
لحظة أتمنى أن أعيشها ألف مرة ولا أشبع منها أبدا .
أجمل ابتسامه:
ابتسامه ساحره تصل الى القلب فتجعلك تنسى الألم وتبتسم .
أفضل الشعوب:
شعوب تصنع العدل بالحكمة وتقوم الحكام بالعدل وتطفئ النيران قبل أن تكبر وترفع كبارها وتعلي شرفاؤها .
أفضل العقول:
عقل لا يمل البحث عن الحقيقة .
أفضل القلوب:
قلب لا يغيب عنه الصدق .
أفضل صديق:
صديق لا ينساك، لأنه يحبك .
أصعب الأشياء:
أن يخونك لسانك في موقف انت في اشد الحاجه له.

اقرأ المزيد..

23‏/05‏/2010

ابتسم انت في دولة عربية

عندما تكتظ المقاهى بالشباب و تشكوا المساجد و المكتبات من الغياب
أنت في دولة عربية
عندما يستضيفون راقصة لتتحدث عن تحرير فلسطين
ابتسم فانت فى دولة عربية
عندما تدرس الابتدائي 6 سنوات والإعدادي 3 سنوات
ومثلها المرحلة الثانوية وأربع سنين أو خمسة
وربما ستة فى الجامعة لتعمل بعدها فى سوق الخضار
لا تيأس فانت فى دولة عربية
عندما تقوم من النوم لتجد في هاتفك المحمول رسائل ليس لها أي معنى
انت فى دولة عربية
عندما تشفط شركة الاتصالات في بلدك كل اللي في جيوبك وتضحك عليك
انت فى دولة عربية
عندما تقود سيارتك الأمريكية وتأكل الهمبورجر وتشرب البيبسى ثم تطالب بمقاطعة المنتجات الأمريكية
أنت مجنون تعيش في دولة عربية
لا تحصل على تقدير فى الجامعة الا بواسطة
ولا تجد وظيفة الا بواسطة ولا تترقى فى عملك الا بواسطة
ولا تحصل على أبسط حقوقك الا بواسطة
فمسكين تعيش فى دولة عربية
انت عندما تكون رجل و تستعمل الإنترنت باسم بنت
فانت عربى
عندما تصل إلى هذا السطر ولا زلت مستمراً في القراءة
الحمد لله هناك مجنون غيرىابتسم فانت فى دولة عربية

اقرأ المزيد..

نفوس من زجاج...

إحرص...على حفظ القلوب من الأذى
فرجوعها بعد التنافر يعسر
ان القلوب اذا تنافر ودها
مثل الزجاج كسرها لا يجبر
اصبح الناس كالبحــر ..
فـكل مـن يمـر من امامه ينحنــي ,,
لـ يلتقـط حجـراً ويرميــه
دون أن يكـون هنـاك مبـرر لذلـك..
لمـــــــــــاذا؟؟؟
اتتوقعون لان البحريتسع لتلك الاحجار
ام لانها ليست الا حجر سقط في عمقه لن يتاثر به
اما واقعنا فهو اشبه بذلك كثيرا
ًفأصبحت الأحجار أشبه بتلك الكلمات القاسيه
يقذف بها الناس وهم لايدركون
مدى تحسسهم من تلك الضربات
التي يعتقدون انها لاتترك علامات
البشر نفوس والنفوس من زجاج
ستكسر النفس حتماً بتك الحجر
ليس جبناً بل لما حدث من اصطدام بتلك الحجر القاسي
بل قمة استغراب لما حدث في الزمان
من اسلوب التعامل واسلوب الصفاء الروحي..
وممـا يـزيـد من قـسوة هـذا الواقــع ..
هناك بيـوت زجاجيـة تهاب الاحجار ومن يمسك بها ...
من يسكنهــا .. أنـاس زجاجيـــــون ..
يعلمون ان الرمي او القذف سيؤدي لكسر بيوتهم
ليسوا خائفين خوفا على انفسهم وبيوتهم من الانكسار
بل لانهم يعتقدون ان زجاجهم غالي الثمن مصنع خصيصاً لهم !!!
نسوا تلك النصيحة
لاترمي الناس بحجر اذا كان بيتك من زجاج !!!!
معهم حق فالنفوس تختلف باختلاف الزجاج
يقول ابن تيمية :
النفوس كـالزجاج إن لم تكسرها خدشتها ..
هناك ماهو صافي صفاء الشمس
مايعيبه سرعة كسره
ومايميزه ان الكل يستطيع الرؤية من خلاله
فأصغر حجر كفيلةبإنكسار ذلك الزجاج ..
وهناك ماهو معتم
لا نستطيع الرؤية من خلاله
وما يميزه قوته وصلابته
من اي الزجاج انت
!!!اتساءل دوماً...
لماذا؟؟اصبحنا نعيش في عالم
حذفت من جذوره القيم والاخلاص
ليت صدري يتسع ما اتسعت تلك البحار

اقرأ المزيد..

11‏/05‏/2010

وتأبى الرحيل


دقات الساعة الحائطية الرتيبة تختلط بدقات قلبها المسالم الضعيف، الأنات المتقطعة المنبعثة من جسدها الذابل تمزق دثار الليل البهيم، وتوغل بسآمة مضنية كئيبة في أوردة ذلك المجهول الرمادي العنيد.
تتلوى كعجينة رخوة على فراشها التواء، ألم فظيع ينهش بأنيابه القاطعة كبدها، يرتفع أنينها الحلزوني الجريح وسط متاهة الظلمة الداجنة كارتفاع الموج الغضوب عن شاطئه البكر. الداء الناسف دمر جل خلاياها بشكل مقيت مهيب، وامتص منها إشراقة الحياة المعتقة بنشوة الشباب، ورونق الأنوثة. رغم كل هذا فإنها تأبى الرحيل.
ترفض من صميمها أن تنسلخ انسلاخا كليا من هذا المكان الحميم الذي ألفته منذ ميعة صباها، وترفض أن تدرج في قائمة الراحلات اللواتي تأبطن رغما عنهن مآسي المرض، وقهقهات ذلك الزمن العربيد السخيف. هنا ولدت، وندت من فمها الزمردي الملائكي صرختها الأولى الحبلى بروعة الحياة، ورقصة ذلك الغد المبهج المثير.
لقد شبّت في كنف والديها الكريمين، وأسبغا عليها ينابيع العطف الذي يضاهي في فيضانه الشلال، وأودعا بين جنبات روحها ثمرات الإخلاص الشهي، والحب الأنقى كالزلال. تحلقت حولها نديداتها المقربات إلى شاطئ قلبها بائسات، ممزقات الأفئدة، جريحات، واستها إحداهن لتزرعها عصافير تزقزق، وآمالا ترقص وتشع: ستشفين بإذن الله، وستعودين طروبة إلى مدرستك، كلنا سنتهافت للقائك أيتها الدرة الغالية. ونطقت أخرى حاثة إياها على التمسك بحبال الصبر المتين: كوني قوية، صلبة، أشد تماسكا في مواجهة هذا الخطب الجلل. وقالت أخرى مدعمة قول صديقتيها الوفيتين: جابهي بقوة لا مثيل لها، فالقوة تخلق منك إنسانة لا تقهرها الصعاب.
في محاولات عديدة محبطة أرادت أن تنطلق خارج الدار كالظبية الجامحة، وتتنفس هواء نقيا يغسل رئتيها القابعتين في تجاويف صدرها من أدران الضيق، والويلات، والهموم، ولكنها تهاوت فجأة كورقة مضطربة منسية في عباب بحر، تقاذفتها أمواج التهلكة، ثم خيم عليها الصمت المطبق الحزين، ونأت بعيدا بعيدا.

اقرأ المزيد..

دموع تحت اغصان الصفصاف

في خلوة مع نفسي الثائرة على نفسها وذاتي المنتفضة على ذاتها... أقلب أفكارا تائهة بين وفرة الشك وشحة اليقين وبين ظلمات الوهم وبصيص الحقيقة. أتمعن في دواعي التمرد ومتطلبات القناعة، في جحيم الواقع ونعيم الطموح. أتنقل بين صحراء الكآبة وواحة الفرح، وبين جنون العظمة وحكمة التواضع..... سمعت دويّا قويّا قادما من صوب صالة الجلوس. لابد من شيء ثقيل قد إرتطم بزجاجة النافذة الكبيرة الممتدة على طول جانب تلك الصالة. هرعت وجلا أبحث عن سر ما حصل....! لم يكن سبب ذلك طائرة تائهة ظلت طريقها وأصطدمت بداري، ولا خاطفها المنتحر وجهها على داري المصبوغ باللون الأبيض متوهما أنه البيت الأبيض!
أنه عصفور...! نعم عصفور توهم بأن الطريق أمامه سالك مفتوح، كان يطمح أن يزور داري ربما بحثا عن طعام متروك أو شراب فائض أو قد غازله حب الإستطلاع والفضول فأراد أن يستطلع ويكتشف! فصدّه بعنف كافر زجاج تلك النافذة المريبة عن تحقيق ما يصبو اليه... بل دفع به على الأرض دون شفقة أو رحمة وقذف به الى غياهب المصير... فكم من مرة سحقت كوارث الزمن أفعالا بريئة!
الزجاج الشفاف في تلك النافذة اللعينة قد خدعني مرات ومرات... كم من مرة أصطدم رأسي فيه ظنا منيّ بأن النافذة مفتوحة، ما أسرع أن نتوهم وننخدع....! فالعيون المشدوهة لا ترى...والقلوب المنشغلة لا تشعر....
في عتمة الأفكار تكثر العيون التي ترانا ولا نراها والمشاعر التي تحس بنا ولا نحس بها والمفاهيم التي تعرف عنّا ولا نعرف عنها والأحداث التي هي بيننا ولا ندري فيها....قد يسكن الظلام فينا ونحن نرتع تحت وهج الشمس....وتتداولنا الضلالة ونحن في بطن الإيمان....سقط العصفور على أثر تلك الصدمة الشديدة على الأرض ونثر أجنحته الملونة الجميلة على أديمها. ترك بقعة حمراء، تشبه خارطة العراق، على صفحات زجاج تلك النافذة.... لعنت الصدفة وعتبت على القدر...كيف يتحول طير زاه بألوانه، متباه بحركاته، الى جثة هامدة لا تقوي على الحراك في غمضة عين!؟
هرعت صوب العصفور...يا له من مسكين... تفحّصته...قلبت فيه.... كان منقاره المدبب ملطخ بالدماء. يلهث بشدة، عيونه البريئة شاخصة نحو المجهول... ربما كان يدرك بأنه يقضي ويموت...أو ربما عيون الموت تنظر من خلال ضباب الحياة فتكشف الأسرار وتتعرف على الخبايا....
كيف أنقذ هذا العصفور...؟ إنه يموت بين يدي...إقتربت منه الهوينا أمسح جسده الناعم النحيف...لم يجفل مني ولم يخف...ربما لا يدري بأنني سبب محنته أو ربما شفقتي عليه وإهتمامي به أنسته جذور المصيبة.... أو ربما العصافير لا تكره ولا تعرف الأحقاد....
حملته بيدي الى داخل الدار، كنت أخاف أن تهاجمه القطط التي تسرح وتمرح بين حدائق البيوت. أنه فريسة سهلة أمام المتصيدين، فمن يسقط على الأرض هذا اليوم لا يرحمه الآخرون.... كنت أمسح رأسه، أنظف منقاره من الدم. وا عجباه...كيف يسلب القدر الساخط بهجة الحيوان كما يسلب جبروت الإنسان على حين غرّة!
وضعته على طاولة الطعام، فهجع بجسده المرتجف وبسط جناحيه وسلّم أمره للأقدار.... كانت عيونه الثاقبة تنظر.. لكن لا أدري الى أين...؟ ربما كان ينظر الى وجهي...الى عيوني... الى قلبي.... يتحسس مشاعري ... ربما كان يريد أن يقول شيئا...أن يخفف عني...أو أن يترك وصية لأبنائه الصغار وهم ينتظرونه في عشهم البعيد قبل أن تأخذه مراكب المجهول.....
كنت قريبا جدا منه...أناديه...أناجيه وهو شامخ لا يستجير....قلت له... أيها العصفور الجميل.. أيها الطائر البريء....أيها الجريح الصامت...أيها الصابر على الألم....أيها الصامد أمام المحن... أعذرني...أفصح عنيّ... فاني قاتلك وانت لا تستحق الموت....أرجع لسمائك فهي تزهو فيك...إرجع لعشك فعيون أبنائك شاخصة اليك...إرجع لألحانك الوديعة فهي اكسير الحياة وسر من أسرار الوجود....ارجع لحرية الفضاء ولجمال الطبيعة... فالفضاء يموت بدون حراكك والطبيعة تحزن بدون أناشيدك.... أغصان الأشجار تفرح فيك... ورياض الربيع تسأل عنك.... جلبت له الماء في إناء ونثرت حبيبات من الرز الناعم قرب منقاره، عسى أن يأكل ويقوى على مضاعفات النزيف... لم يأكل ولم يشرب بل كان يلهث... يكافح من أجل أن يبقى في نور الحياة.... تذكرت وانا أنظر اليه ذلك اليوم الذي كنت أحسد فيه العصافير.... حيث قلت لأمي حين كنت يافعا...أماه، ياليتني خلقت عصفورا. أجابتني والدهشة تسرح في عينيها: عصفور!!!؟ نعم عصفور... العصفور قوي بجناحه، غني بصوته، كفوء بحركته، وجميل بألوانه. لا تقيده أرض ولا تخيفه سماء....يسبح في فضاء الحرية المطلق، عال بروحه...شامخ بذاته...لا يشعر بالنقص ولا يستقوي بالمناصب أو الألقاب. العصفور مؤمن بكيانه.... مهتد بذاته....لا يأبه لتناقض السياسات ولا يتأثر بصراع العقائد ولا يضيع في متاهات الأفكار.....
في عالم العصافير عيون الحقيقة لا تتخفى وراء حجاب الوهم... وموازين المبادىء لا تنحرف في مطبات الرذيلة.... العصفور لا يتاجر في سوق المعايير....فيبادل اليقين بالشك....والمشاعر بالألفاظ.... لا يبيع الجوهر ولا يشتري المظهر......ربحه الإخلاص وكنزه المحبة.
العصفور لا يؤذي بل يعشق... لا يغتاب بل يغنيّ... فهو غير أناني لأنه يعطي كما يأخذ... لا يطالب بحقوق العصافير ولا يبحث عن واجباتهم... لا يحتاج الى محاكم ولا الى قوانين.... لا يعترف إلاّ بفضاء الحرية ولا يؤمن إلاّ بأنسام الربيع.... لا يهاب عاذلا ولا يخشى رقيبا...أنه سعيد، لا يحس بالملل ولا يشكو من الكآبة..... فما أسعدك من كائن وما أجملك يا عصفور!
قضيت ليلتي الطويلة معه أراقبه وأمسح في جسده الجميل... ثم رفعت يديّ الى السماء أدعو اليه....أسأل الله أن يشفيه... أن ينقذه من موت أكيد....
وبعد منتصف الليل قبلت رأسه الناعم وودعته كي يهدأ وينام ولكي أصيب أنا الآخر شيئا من النوم، فعسى أمواج النوم تغرق شيئا من أشجاني...
عند صلاة الفجر، هرعت نحو العصفور... أتفحصه... أطمئن عليه... ربما تحسنت أوضاعه وعادت له صحته وتوقف عنه النزيف...
كان قد وضع رأسه الصغير على الطاولة وأغمض عينيه الخائرتين.....وخرج من فمه نهران من الدم كدجلة والفرات...صرخت فيه...أيها العصفور.... أيها التائه في بحر الأقدار....أيها العاشق في أرض الأضغان....أيها الذكرى في عالم النسيان...أيها المستبشر في دنيا الأحزان....يا حبيب الطبيعة وربيب الأنسام...إفتح عينيك لي...أخبرني...أجبني...
لم يجبني العصفور! بحثت عن أعلى شجرة أواري تحتها جسد العصفور...كي تبقى روحه الشامخة تناجي جسده من أعلى غصن في شجرة الصفصاف....إمتزجت الدموع مع التراب حينما سمعت أصوات الفراخ الناحبة في عشها...رفعت رأسي الى الأعلى...الى الأغصان....أنهم صغار العصفور يلقون النظرة الأخيرة على جسد أبيهم المسكين، يودّعون.... ينحبون.... يندبون حظهم العاثر...
ترجمت نفسي صرخات أحد الفراخ الذي زحف بنصف جسده خارج العش وكان يمد بعنقه ويخفق بجناحيه وكأنه يهم بالوثوب على قبر ابيه ليتمرغ فيه ويشم رائحته وهو يقول....مهلا أبي.... ما سرّ هذا الرحيل!؟
هل ذقت ذرعا، أم توفاك
الجليل!؟ من بعد عينيك تهون الحياة حتى وان عشت فأني قتيل
ضاعت مقاييس الأمور كأنما
ضحكات هذا الدهر نسمعها عويل
هذي الحياة غريبة في طبعها
والعمر مهما ازداد نحسبه قليل
أرحم بنا....
أشفق بنا....
إرجع لنا....
لا تعتذر وتقول: هذا مستحيل....
رجعت الهوينا الى عقر داري مطأطىء الرأس حزين الكيان.... جمعت أوراقي المبعثرة هنا وهناك وحشرتها في حقيبتي الحبلى بالأوراق وبدأت أسحل أذيالي صوب العمل.... يا ليتني أقبع هذا اليوم في داري لأن قيود الحزن قد كبلتني ومشهد العصفور لن يبرح خيالي.... إلاّ أن إجتماع هذا اليوم لا مناص منه ويجب ان أحضره، فمن سيصدّق أعذاري!؟. وخلال ذلك الإجتماع المغلق الثقيل فتحت سكرتيرة القسم الباب على حين غرّة..... طلبتني ودعتني الى الهاتف لأن الإتصال قادم من العراق!
أنه أخي الكبير الذي شرع يخاطبني ببرود محسوس وبصوت خافت مرتجف، تردداته تتكسر في عبرات صدره... تحس وكأن كلّ كلمة تصدر منه تخرج من قلب فيه نزيف....وبإيجاز مطلق أنهى حديثه المختصر بعبارة صكت مسامعي وشلت فرائصي وشدهت فكري....
" البقاء في حياتك أخي...أبوك قد وهب الحياة...."
قتلوه.....!؟ همت على وجهي بلا حس ولا شعور.... أنظر ولا أرى....أسمع ولا أفهم.... أمشي ولا أدري.... فوجدت نفسي قرب قبر العصفور أنحب مع صغاره.....

اقرأ المزيد..

حقيبة سفر


فركَ يديهِ بعدَ أن ألقى بقايّا لفائفِ الطّعامِ في سلّةٍ قربَ الرصيف، تابعَ سيره ببطءٍ كما بدأهُ، في يدهِ بعضُ حقائبِ التسوّق، و في رأسهِ ضجيجٌ عالٍ من تصادمِ أفكار لم يعِ أيّها له الأولويّة بعد.
صخب السيّاراتِ و البشرِ المتدافعة من حوله لا يَصلُ أذنيه، يُصمّه حالهُ،يكاد يُعميه،لا يخفى تخبّطه عمّن يراه.
يسيرُ دون غايةٍ أو وِجهة، يعلمُ يقيناً أنّه عائدٌ إلى مكانِ إقامته لكنّ تبيّن الوجهات الآنيّة، أمرٌ لم يعد يشغلهُ أكثر، لعّله سيصل.
اقتربت الإجازة، و عليه أن يعود إلى أسرته. تداعبه صورة طفليه الصغيرين، ليث و لؤيّ، كم يفتقدهما، يحادثهما يوميّا، يطلبان منه تقريبا كلّ شيء.
يحدّثانه أحياناً عن الروضة، أطفال الجيران و الألعاب الجديدة. يقولان أنّهما يفتقدانه بشوق كبير، في فؤاده أيضاً يرتع كمّ هائل من الشوق لهما، لكنّه، و بعد عمرٍ مديد الوحدة في بلاد الغربة، اعتاد صداقة وحدته حدّ الألفة.
سيعودُ الآن إلى بيته، إلى زوجتهِ التي لم يخترها إلّا بدافع النصيب، لكن، و للإنصاف،يعترف أنّها امرأة جيّدة، فيها كلّ مواصفات الزوجة – المثال.
صحيحٌ أنّها لم تحاولِ الولوجَ لحظةً إلى عقله أو قلبه أو حتّى التفكّر بسؤال ما يدعى " ماذا تحبّ أو تشعر". معاملته كإنسان قبل أن يكون رجلاً – زوجاً – أباً.
إلّا أنها ارتضته رغم علمها بسفره الطويل و غيابه المتكرر عنها، وقبلت أيضاً بالعيش مع والدته و شقيقاته في منزل واحد، و ليس ذلك لضيق ذات اليدّ، إنّما لأنّه رجل البيت بعد وفاة والده و هجرة أخيه الأكبر نهائيّا عن البلد.
وقف أمام واجهةٍ برّاقة، يظنّ من يطالعه، أنّه يرهقها تنقيباً، لكنّ عينيه تعملان في مكان، و دماغه في مكان آخر منفصلٌ تماماً.
بعد غدٍ تبدأ الإجازة، الكلّ من حوله سعداء يتسوّقون ، يختارون الهدايا الأفضل للتعبير عن شوقهم للأهل و الأحباب، للتعويض عن طول مدّة الغياب،لإيجاد مكان في قلوبهم بعد أن تعفّرت صور وجوههم بغبار النسيان.
و إنّه لسعيدٌ أيضا، لكنّ شغاف قلبه تنبض بغرابة لم يعهدها ،القلق استحلّ المساحة العُظمى من قلبه..
سيعود إلى بيته. حيث ليس بإمكانه ممارسة وحدته أكثر، حيث لن يحظى بمساحة تنتمي له وحده، فكلّ أمكنته هناك، مستباحة، حتّى سريره، هنالك من يشاركه فيه.
لا مكان لأشيائه كي تحظى بحرّيتها، و حرّيته هوَ في الكشف عنها أو إبقائها طيّ الخفاء.
أوراقه و القصاصات الكثيرة، كتبه، اسطوانات موسيقاه، أفلامه المفضّلة، ملفّات بحوثه و ألبومات صوره، كلّها هنا تحظى بمكانٍ لائق، مرتّب منظّم، ليس مشاعاً لأحد و لا حتّى لزميله في السكن.
كلّها، بأماكنها تنتمي له، "ملكه " للأعماق لا يطّلع عليها إلّاه.
و حين السفر، يصطحب من متعلّقاته الشخصيّة ما يحتاج، يضعها في حقيبة جلديّة منفصلة عن حقائب الملابس و بقيّة حقائب الهدايا، تأخذه الحيرة حين وصوله في كيفيّة إخفاءها عن المترصّدين.
فالدواليب في غرفته مشتَركةٌ مع زوجته، و مشترَكة كلمة جيّدة إذا ما جاء لواقع أنّ دولابه، وبحكم غيابه شبه الدائم،محتلّ من قبلها –زوجته- و من أطفاله أيضا.
لذا دائما ما يبقي الحقيبة – الذات، مغلقةٌ بقفلٍ أو كلمة سرّ، يضعها كما هي إمّا داخل خزانة، أو على الأرض قريباً من السرير.
و غالباً ما تخيّل أنّ ذاته، و وجوده هناك في بيته الخاصّ، كامنٌ في تلك الحقيبة، و أنّها مصيره. سيغلقها يوما – بعد انتهاء فترة مشاعيّته – و يعود بها إلى حيث ينتمي- تنتمي.
و كأنّ انتماءه أصلاً لم يكن هناك مطلقاً. كأنّه لم ينتمِ يوماً إلّا لذاته القابعة داخل الحقيبة!
قهقهةٌ مدويّة تدهمه فجأة، و كأنّها تصدر عن غيره، تباغته. تدير رؤوس الناس من حوله إليه..
ما أتفه الإنسان، أينَما حلّ أو ارتحل،لا يسكن حقّا إلّا نفسه، يتعلّق بها لدرجة الجنون ثمّ، يتحدّث عن الإيثار و المشاركة..
أيّ مشاركةٍ و هو الحريص كلّ الحرص على ذاته، من أن تنالها و لو قليلاً، عيونُ الآخر و إن كان من لحمه و دمه ؟
أيّ مشاركةٍ و المحورُ في داخله، لا يدور إلّا من حوله دون أن يشعر ؟
على أيّ معنى و بناءً على ماذا يطلق اسم "شريك حياة " ؟
بماذا يشاركك ؟
بعدّ أيام الحياة المنقضية تباعا،و إطلاق أسماء عليها و حصرها في تواريخ قد لا يعنيك قدومها أو رحيلها و تكرارها ؟
بأفعالٍ تراها بعينك و يراها بعينه، و لها في الذاكرة سجلّات مختلفة؟
أم بإشغالك حتّى الملل بطعامٍ و شراب و زيارات و مصاريف ؟
أهكذا هي المشاركة ؟
أهذه هي الحياة..؟
ماذا تقرب هذه الحياة لإنسانيّتك؟
؟
ربّما – قال لنفسه – كان الخطأ فيّ، فأنا عشت غريباً طوال عمري، تارة بين أهلي و طوراً أعيش معنى الغربة الحقيقيّ، لذا تعلّمت أن لا أبوح بفكرة واتتني أو حزن غمرني، أو حتّى إظهار مشاعري لغير مرآتي..
أنا إنسان ضنين بالمشاركة، فلم ألوم الغير؟
رمق ببصره المسافة أمامه، مليئة كانت بالبشر، تخايلهم أشباحاً، وجوها سيراها في عمره مرّة تمرّ من أمامه دون أثر..ولكنّهم..حقّاً بشر!
عاود انغلاقه و ترتيل أفكاره..
الإنسان منّا لغزٌ مضحك، سرّ عصيّ يستتر خلف حوائط لا تشبهه، أمانٍ يناظرها لتعطيه قيمة أمام غيره. بينما يرقد هو ذاته في جلده، يقيس الدنيا على هواه و يرتضيها أو.. يأمل فيعلنها!
تابع سيره بنفس البطء، بخطى أثقلتها هلوسات أحاديثه الأخيرة..
أنا و ذاتي في حقيبة، جميلة هذه الفكرة، هل حيث أرحل تذهب الحقيبة أم العكس كما يبدو أصحّ ؟
هل قيمتي تكمن في أشيائي التي أحبّها، تعنيني كجزء من ذاتي، أم أنّ قيمتها تكمن في حبّي لها ؟
ما هي هذه الأشياء أصلاً حتّى حازت محبّتي ؟
هل هي صنعتني أم أنا من صنعها ؟
أم لأنّها "ملكي" ؟
و أصلا.. من أنا ؟
ما هي هذي الحياة كلّها بأحمالها وذاكرتها و سجلّاتها و حتّى أشيائنا الأثيرة ؟
هزّ رأسه كمن وقع في شرك أسئلة لا منجى لها.. لا جواب لها ، و لا نهاية أيضاً..أحسّ بثقل ما يحمله في يده..و كأنّه تذكّر للتوّ..فروحه تلبّست فجأة بحملٍ غريب..
وضع الحقائب من يده على الرصيف، مسح براحتيه بقايا دمع تغرغر في مقلتيه، لا حزنا كما أقنع ذاته، إنّما من القهقهة التي كادت تخنقه.
عاود حمل ما ترك و أسرع خطاه هذه المرّة، ليبلغ البيت، لم يعد أمامه متّسع من الزمن، أزف الوقت و عليه أن يجهّز الحقيبة.

اقرأ المزيد..

07‏/05‏/2010

على غفلة منا !!


على غفلة منا !
تغير الزمان .. فلم يعد هو الزمان الذي عشناه وعشقناه .. وترك بصماته على أعماقنا ..
وتركنا بصماتنا على سويعاته .. وتغير المكان فلم يعد هو المكان الحميم، الذي عرفنا
واعتدنا ونزفنا طفولتنا وحكاياتنا وأحلامنا على ترابه.

على غفلة منا !
فقدنا الكثير من الأشياء .. وتنازلنا عن الكثير من الأشياء ..
ووجدنا أنفسنا فوق بقعة من واقع لا تمت لأحلامنا بصلة،
وجسدنا أدواراً لا تناسبنا .. ولا تحمل ملامحنا ..
واحتسينا الخضوع من كأس الظروف قطرة قطرة .

على غفلة منا !
تغيرت الوجوه من حولنا .. وكثرت الأقنعة أمامنا .. وتلوثت الأعماق ..
وسال الوحل كالأدوية في طرقات علاقاتنا الإنسانية .. وساءت النوايا بلا حدود .

على غفلة منا !
فقدنا أشياء وفقدتنا أشياء .. ودمرنا أشياء ودمرتنا أشياء .. وضاعت أحلام ..
وضاعت أوطان .. ونكست أعلام .. وفقدنا شهية الحياة .. والاستمرار .. والبقاء ..

على غفلة منا !
أصبحنا على الرف المهمل من الحياة ووجدنا أنفسنا خارج سياج حكاية كانت لنا يوما .. وطناً!!
وخارج حصون مشاعر كانت لنا ذات يوم أملاً .. وخفتت أنوار ..

على غفلة منا !
بهت عالمنا الملون .. وانطفأت شموعنا المضيئة .. وفقد الحب هويته ..
وذبل الورد فوق أسوار أحلامنا .... وفقدنا شهية الكتابة .. وشهية الرسائل ..
وشهية الانتظار .. وأشياء أخرى كنا ذات يوم نمارسها .. بطفولة واشتهاء .. وربما غباء ..

على غفلة منا !
احترقت مدن أحلامنا .. واحترق أطفال دفاترنا .. وخمدت نار الحنين إليهم ...
وهجرنا أطلالهم .. وأسدلت ستائر المشهد الأخير ... وبنى النسيان أعشاشه في داخلنا ...

على غفلة منا !
استسلموا واستسلمنا للرحيل .. فرحلوا .. ورحلنا .. غابوا ... وغبنا ..
ففرت منا خلفهم أشياء .. كنا نحتفظ بها في قفص الذكرى .. وصندوق الذاكرة ! ففر الأمان ..
وفر الحنين .. وبقينا أسرى أسوار حكاية إحساس باءت بالفشل ...

على غفلة منا !
امتلأنا بالخوف .. وامتلأنا بالذل .. وامتلأنا بالحزن .. وامتلأنا باليأس ...
وشهدت أعيننا سقوط مدن من العزة والكبرياء .. قضينا أجمل العمر وأكثر العمر في تشييدها ...

على غفلة منا !
مرت سنوات العمر ... كبرنا .. تغيرت ملامحنا في المرآة .. تضخمت بنا السنوات ..
وجفت أشجار أيامنا ... ونزفنا صحتنا كالماء ... وأصبحت تفاصيلنا وطقوسنا تاريخاً ..
وإرتفع صفير القطار الأخير ..

على غفلة منا !
رحلت أشياء .. وجاءت أشياء .. وتغيرت أشياء .. واختفت أشياء .. وارتفعت أشياء ..
وسقطت أشياء .. وبنيت أشياء ... وانهارت أشياء ... وضاعت أشياء ...
وسُرقت أشياء ... وتطهّرت أشياء .. ودُنست أشياء ....

شهر زاد

اقرأ المزيد..

أشياء تكسر الظهر


رؤية عزيز قوم ذل
سقوط.... قمة.... وتحولها إلى تراب ,,تعبث فيه الكلاب
مد يد الحاجة لكلب من كلاب الزمان
إلتفاف قيد الديون حول عنق عزيز نفس
صرخة مقهور في فضاء ....وطنه المسلوب
إعدام برىء لعدم كفاية ( الأدلة )
ضياع صرخة ( المظلوم) فى فضاء القهر والخديعة
إستغاثة الملهوف بــ ( اللئيم ) لانها آخر الحلول
بكاء......رجل مسن على جثمان حفيده الشاب
فجيعة أب برؤية طفلته الوحيدة مدهوسة تحت عجلات سيارته
ذهول أم....وصلها نبأ وفاة إبنها الوحيد قبل زفافه بأيام
رعب أب يفصل بينه وبين إبنته جدران غرفة زجاجية
سؤال طفل صغير....عن والدته المتوفاة بأول أيام رحيلها
إضطرار طالب مجتهد لتغيير حلم عمره بسبب ...الجنسية
الوقوف بحيرة للاختيار بين جهتين ...كلاهما وطن
الاضطرار للاختيار بين روحين...كلاهما يعادل...الروح
أنين عاشقة مذبوحة بـ ( ليلة ) زفاف فارسها لسواها
إنكسار رجل بوداع إمرأة ....يعلم يقينا ,,,انها نصفه الآخر الأحق به
مناداة زوج لزوجته بإسم إمرأة أخرى فى موقف لايجب ان يكون فى عقله سواها
نحيب إمرأة متدينة ليلة زفافها لإبن عمها ,,,السكير
إحتراق زوجة طاهرة وصلها نبأ علاقةزوجها بـ (بنت ليل)
إنغماس قلب نقي ..بنيران حكاية من طرف واحد
تعاسة رجل متزوج ....مع إمرأة لايجمعه بها سوى...سرير
إنهيار بيت قديم....ستر...وإحتوى بين جدرانه يوما الكثير من الأرواح
سقوط رجل جليل بين رجال قومه عند وصوله نبأ موت أبنائه الخمسة
هذيان رجل ( عاق) بسم والدته العجوز وهو بــ ( سكرات الموت)
عجز أب عن تحقيق حلم طفله باقتناء لعبة ما
موت حكاية حب....بسكين العادات والتقاليد وأشياء لاتمت للدين بصلة
رحيل عملاق من عمالقة الأدب ...بسبب قلة الحيلة...والمال
ندم روح مسلمة على التفريط بصلاتها وصيامها.. بعد فوات الآوان
إشتعال النيران برسائل كانت تمثل يوما ...الجزء الأغلى من العمر
قياس رقعه الغباء بثوب التضحيات العظيمة...بعد رحيل أجمل العمر
اكتشاف ان من يُحب لايُحب...وان من يستحق...لايستحق
حرق ثوب الثقة بنيران الغدر والخيانة
سقوط قناع وجه.....كان يمثل النصف الآخر لحلمنا
إمتلاء قائمة ( الاعداء) بأسماء ( الأصدقاء)
بكاء الاماكن على أرواح غادرتها ...كالطيور
إبتلاع البحرللتراب كي يمنحهم مساحات أرض حضاريه
رضوخ القلب للعقل تحت ضغوط واقعيه تفوق طاقة احلامنا على احتمالها
تحول حكاية حب ..إلى كابوس مرعب يهدد أمن القلب وأمانه
التفوه بـ ( نعم ) فى موقف يكون ثمن ( لا ) العمر كله
الاعتراف بان معظم مامر هنا ....قد مر بنا ....أو حولنا !!

شهر زاد

اقرأ المزيد..

04‏/05‏/2010

فاشلون حتى في الغزل
من عجائب جيل الشبان الحالي، انه يعتقد ان معاكسة ومغازلة الفتيات فرض وواجب على من بلغ الحلم أي سن الرشد، مع ان ذلك يتناقض مع معنى ومفهوم «الحلم» و«الرشد»، ومع توفر وسائل اتصال عالية الكفاءة من انترنت وهواتف نقالة وثابتة، اصبح الغزل مهنة تفرغ لها ملايين الشباب الذين يعانون من الخواء والفراغ على كل صعيد.
وكلما ذهبت الى الأسواق، ورأيت شبانا يلقون بأرقام هواتفهم المكتوبة على قصاصات صغيرة أمام كل فتاة عابرة، أدركت مدى سذاجتهم.
وهناك من يمر بسياراته في الأسواق، وكلما لقي فتاة صاح مرددا رقم هاتفه: تسعة تسعة تسعة صفرين مليون، وقد تعجب لأن صاحبنا يفترض ان ضحيته هي اينشتاين زمانها، ومزودة بذاكرة تستوعب التعليمات الشفهية، ومن ثم ستحفظ رقم هاتف العاشق الولهان بمجرد ان يهتف به، ولكن حقيقة الأمر هي أن من ينطقون بأرقام هواتفهم شفاهة، ينتمون الى تلك الفئة التي تقترض الآلاف المؤلفة للحصول على ارقام هواتف مميزة سهلة الحفظ، وما لا يدركه هؤلاء المتفرغون للمغازلات الترانزيتية هو انه ما من فتاة تستحق نظرة، تستجيب لمثل ذلك التحرش الساذج، وإذا استجابت فإنها، وعلى مسؤوليتي، تستحق الرمي في قارعة الطريق كما رقم الهاتف الذي التقطته واستجابت له.
وقد وصلتني عبر الانترنت قصيدة يخاطب فيها شاب معاصر حبيبته، ومن يقرأ تلك القصيدة يدرك من بيتها الأول ان شباب هذا الجيل خائب في مجال الغزل، وأنه سبب العنوسة التي تفشت في معظم، ان لم يكن كل، الدول العربية:
حبيبتي انا دونك زي طلعة الشباب دون القطة.. زي الغدا دون سلطة.. زي الشاورما دون شطة.. زي الكورولا دون شنطة!
حبيبتي انتي السكة وانا القطار /انتي المطرقة وانا المسمار/
انتي المنقلة وانا الفرجار!
ثم يعبر صاحبنا عن حبه الكبير لفتاته جامعا بين الاصالة والمعاصرة:
يا حبيبتي ترى حبك رجني رج اللبن/ بديت ما أفرق هو الكيري قشطة ولا جبن!!
ولو كنت مكان الحبيبة لأكملت له: روح كُل تبن!! فالبنت الذي تسمع الى مثل هذا الغزل الرفيع ستقول على الفور بطريقة الأفلام والمسلسلات المصرية: قطيعة تقطع الرجالة وسنين الرجالة॥ وأهلا بالعنوسة।
أجوبة منطقية قد لا تعجب المدرس
من أشهر كلاسيكيات المشكلات التي تنجم عن الامتحانات ما حدث في جامعة سويدية حينما واجه طالب في كلية الهندسة المعمارية السؤال التالي: أذكر ثلاث طرق تستطيع ان تحدد بها ارتفاع بناية متعددة الطبقات، فكانت إجابة الطالب كما يلي: الطريقة الأولى ان أصعد الى سطح العمارة وأرمي بحبل طويل في طرفه شيء ثقيل ثم أقيس طول الحبل॥ والطريقة الثانية هي ان اسأل حارس البناية عن ارتفاعها، أما الطريقة الناجعة والحاسمة فهي ان أذهب الى ادارة المباني في المدينة واطلع على الأوراق الخاصة بالبناية وأعرف ارتفاعها على وجه الدقة.. ولأن الأستاذ المصحح لم تعجبه هذه الأجوبة "البلدي غير العلمية" فقد اعتبر الأجوبة خاطئة ورسب الطالب في الامتحان ولكنه رفع دعوى قضائية وكسبها لأن القاضي رأى أن الطالب قدم بالفعل أجوبة صحيحة حتى ولو كانت غير ما أراده الاستاذ..إذن دعونا نفرفش ونستعرض كيف أجاب بعض طلابنا عن أسئلة طرحت عليهم على نحو صحيح وإن كان ذلك لا يعجب المدرسين: ماذا تعرف عن أشهر القادة العسكريين في الحرب العالمية الأولى؟.. ج - كلهم ماتوا !! س - إذا أعطاك احد برتقــالة فماذا تقــول له؟ ج - أقول له قشرها.. س - ماذا فعل الرومانيون بعد عبورهم البحر المتوسط؟.. ج - جففوا ملابسهم!! .. س - أيهما أبعد استراليا أم القمر ولماذا؟ ..ج - استراليا لأننا نشـوف القمر بس ما نشوف استراليا!! .. س - علي بابا هل هو مذكر او مؤنث؟.. ج - مذكر طبعا لأنه لو كان مؤنث قلنا علي ماما!! .. س - عرف كلا من الفيزياء والكيمياء؟.. ج - الفيزياء مركز الثقل في الرسوب، أما الكيمياء فعلم عديم اللون والطعم والرائحة قليل الذوبان في الدماغ!!س - خمسة بنطلونات - خمسة قمصان - أربعة أحذية .. ما النتيجة؟ ج - خمسـة رجال أحدهم حافي!.. س - اذكر ثلاثة أنواع من السمك؟ .. ج - سمك مقلي، سمك مشوي، سمك مملح!! س - اعط مثالا للأشياء التي لا تذوب في الماء؟ ج - السمك!! .. س - ادخل كلمة دام في جملة مفيدة؟ج - ذهبت المدام إلى السوق!! س - ما معنى كلمتي سبيل وسلسبيل؟ .. ج - سبيل = طريق، سلسبيل = طرطريـق। .. س - ماذا تعرف عن البحر الميت؟ .. ج - مات من القهر والسكتة القلبية بعد اللي شافوا في فلسطين.. س - سرق لصان عشرين ريالاً فما نصـيب كل واحد منهما؟ .. ج - نصيب كل منهما يد واحدة لأن الأخرى ستقطع!! .. س - ما فائدة الأذنين؟ ج - تمنع النظارة من السقوط .. س - حول عبارة تذهـب أمي الى السوق الى صيغة الماضي! .. ج - تذهـب جـدتي إلى السوق.أيها المعلمون إن كثيرا من الأجوبة عن الأسئلة التي تطرحونها على صغار الطلاب قد تبدو "غبية"، في حين انها قد تكون منطقية.. وهناك سؤال أو تعليق من أحد أطفال عائلتنا غير مجرى حياتي فقد شربت سيجارة وألقيت بعقبها فالتقطه الطفل ووضعه في فمه فزجرته بعنف فصرخ محتجا، فقلت له: لا تفعل هذا لأن السجائر ضارة بالصحة فسألني على الفور: إذاً لماذا تشربه أنت؟
دكتور في الاستهبال
هذا خبر نشرته الصحف خلال الأسبوع الأخير من شهر يونيو المنصرم: شهدت جامعة أردنية حفل تخريج دفعة من الأطباء، وتوجهت عائلة لحضور الحفل لأن أحد أولادها كان ضمن الدفعة المتخرجة.. وتهادى الخريجون في "أروابهم" الفضفاضة والزعابيط السخيفة على رؤوسهم، فرحين مصافحين مدير الجامعة وعميد الكلية وملوحين بأيديهم للأهل المحتشدين في القاعة.. وانتهى الحفل من دون ان ينادي عريف الحفل اسم "الولد" الذي جاءت تلك العائلة لتفرح بتخرجه.. ولم يكن من سبيل سوى التوجه الى المسؤولين في الجامعة لمعاتبتهم على التقصير الشنيع و"الكلفتة" التي جعلتهم يهملون تقديم شهادة التخرج في كلية الطب لشاب قضى فيها ست سنوات.. قال المسؤولون إنه ليس من الوارد ان يكونوا قد نسوا مناداة أحد الخريجين، ولكنهم من باب قطع الشك باليقين راجعوا الكشوفات وأكدوا للعائلة أن كل خريج من الكلية نال شهادته.. بس ولدنا ما خد الشهادة؟ شو اسمه ها الولد؟ اسمه فلان بن فلتكان.. فتح المسؤولون مكاتبهم وراجعوا قوائم الأسماء ثم قالوا للعائلة الغاضبة: ولدكم هذا تم فصله من الكلية منذ عام 2004 بسبب الغياب والرسوب المتكررين! مش ممكن فقد ظللنا ندفع له الرسوم الدراسية بانتظام وفوقها مصاريف "الجيب"، بل اشترينا له سيارة قبل ثلاث سنوات ليستخدمها في الانتقال من وإلى الجامعة.. قالت إدارة الجامعة: ربنا يعوضكم وابحثوا عن فلوسكم لدى جهة أخرى.عشرات بل مئات الطلاب العرب يعتبرون التعليم الجامعي فرض كفاية، فطالما هناك طلبة منضبطون ومجتهدون فلا تثريب عليهم إذا زوغوا واستهتروا بدروسهم واعتبروا المرحلة الجامعية مرحلة انفلات وصرمحة وصياعة.. التقيت في عاصمة آسيوية شابا عربيا يملك سيارة خاصة ويستخدمها لتوصيل الطلاب من وإلى جامعاتهم نظير أجور معلومة.. أرسله أهله للدراسة واشتروا له السيارة من باب "البرستيج".. وعرفت ان ذلك الشاب يتلقى من أهله مصاريف الدراسة والإعاشة بانتظام، ولكن ولأنه صايع "عصامي" فقد قرر زيادة دخله الشهري بتأجير سيارته وقد يعود الى أهله يوما ما حاملا ماجستير في "التاكسي"، وقد لا يعود.في سوق شبردس بوش في لندن شاهدت أكثر من مرة شابا سودانيا يبيع بضائع "أي كلام" لا تزيد قيمتها مجتمعة على 50 جنيها استرلينيا، وسألته ذات يوم: شنو جبرك على الشغلانة هذه؟ فقال بكل صراحة إن أهله أرسلوه الى فرنسا للدراسة: والدراسة ما نفعت معي وبما ان فرنسا "غالية" فقد أتيت الى بريطانيا وأهه نلقط شوية رزق في أوروبا والولايات المتحدة..آلاف الشبان العرب الذين ذهبوا الى هناك للدراسة، وانتهى بهم الأمر يوزعون الوجبات السريعة من باب الى باب.. قلة منهم اضطروا الى ذلك بسبب قلة الحيلة ولكن الأكثرية فضلت الديسكو على "ديسك" الدراسة.. واتعجب كثيرا عندما اسمع ان فلانا فوجئ بأن ابنه مثلا قطع علاقته بالجامعة منذ سنوات وهو "ما عنده خبر" بذلك.. الأمومة والأبوة لا تعني فقط توزيع الحنان والتدليل، بل قمة حب الأبناء والبنات ان نراقب أداءهم وسلوكهم في الدراسة وخارج البيت.. والولد يصيع والبنت تضيع لغياب الحد المعقول من الضبط والربط التربوي.. عندما كان أكبر أولادي يدرس في نيوزيلندا كان يعرف انه لو جاب سيرة "عربية" فسأحرمه من الميراث.. ومن دون يبلغني كان يعمل بعد انتهاء اليوم الدراسي في شركة كمبيوتر وجمع نحو 800 دولار أمريكي واشترى بها سيارة ولم أعلم بذلك إلا بعد ان تعرض لحادث كسرت فيه ساقه وبعدها علم معنى "ربنا على المفتري" ولم يكلف نفسه حتى عناء بيع سيارته الأثرية تلك "خردة".دكتور في الاستهبال
هذا خبر نشرته الصحف خلال الأسبوع الأخير من شهر يونيو المنصرم: شهدت جامعة أردنية حفل تخريج دفعة من الأطباء، وتوجهت عائلة لحضور الحفل لأن أحد أولادها كان ضمن الدفعة المتخرجة॥ وتهادى الخريجون في "أروابهم" الفضفاضة والزعابيط السخيفة على رؤوسهم، فرحين مصافحين مدير الجامعة وعميد الكلية وملوحين بأيديهم للأهل المحتشدين في القاعة.. وانتهى الحفل من دون ان ينادي عريف الحفل اسم "الولد" الذي جاءت تلك العائلة لتفرح بتخرجه.. ولم يكن من سبيل سوى التوجه الى المسؤولين في الجامعة لمعاتبتهم على التقصير الشنيع و"الكلفتة" التي جعلتهم يهملون تقديم شهادة التخرج في كلية الطب لشاب قضى فيها ست سنوات.. قال المسؤولون إنه ليس من الوارد ان يكونوا قد نسوا مناداة أحد الخريجين، ولكنهم من باب قطع الشك باليقين راجعوا الكشوفات وأكدوا للعائلة أن كل خريج من الكلية نال شهادته.. بس ولدنا ما خد الشهادة؟ شو اسمه ها الولد؟ اسمه فلان بن فلتكان.. فتح المسؤولون مكاتبهم وراجعوا قوائم الأسماء ثم قالوا للعائلة الغاضبة: ولدكم هذا تم فصله من الكلية منذ عام 2004 بسبب الغياب والرسوب المتكررين! مش ممكن فقد ظللنا ندفع له الرسوم الدراسية بانتظام وفوقها مصاريف "الجيب"، بل اشترينا له سيارة قبل ثلاث سنوات ليستخدمها في الانتقال من وإلى الجامعة.. قالت إدارة الجامعة: ربنا يعوضكم وابحثوا عن فلوسكم لدى جهة أخرى।عشرات بل مئات الطلاب العرب يعتبرون التعليم الجامعي فرض كفاية، فطالما هناك طلبة منضبطون ومجتهدون فلا تثريب عليهم إذا زوغوا واستهتروا بدروسهم واعتبروا المرحلة الجامعية مرحلة انفلات وصرمحة وصياعة.. التقيت في عاصمة آسيوية شابا عربيا يملك سيارة خاصة ويستخدمها لتوصيل الطلاب من وإلى جامعاتهم نظير أجور معلومة.. أرسله أهله للدراسة واشتروا له السيارة من باب "البرستيج".. وعرفت ان ذلك الشاب يتلقى من أهله مصاريف الدراسة والإعاشة بانتظام، ولكن ولأنه صايع "عصامي" فقد قرر زيادة دخله الشهري بتأجير سيارته وقد يعود الى أهله يوما ما حاملا ماجستير في "التاكسي"، وقد لا يعود.في سوق شبردس بوش في لندن شاهدت أكثر من مرة شابا سودانيا يبيع بضائع "أي كلام" لا تزيد قيمتها مجتمعة على 50 جنيها استرلينيا، وسألته ذات يوم: شنو جبرك على الشغلانة هذه؟ فقال بكل صراحة إن أهله أرسلوه الى فرنسا للدراسة: والدراسة ما نفعت معي وبما ان فرنسا "غالية" فقد أتيت الى بريطانيا وأهه نلقط شوية رزق في أوروبا والولايات المتحدة..آلاف الشبان العرب الذين ذهبوا الى هناك للدراسة، وانتهى بهم الأمر يوزعون الوجبات السريعة من باب الى باب.. قلة منهم اضطروا الى ذلك بسبب قلة الحيلة ولكن الأكثرية فضلت الديسكو على "ديسك" الدراسة.. واتعجب كثيرا عندما اسمع ان فلانا فوجئ بأن ابنه مثلا قطع علاقته بالجامعة منذ سنوات وهو "ما عنده خبر" بذلك.. الأمومة والأبوة لا تعني فقط توزيع الحنان والتدليل، بل قمة حب الأبناء والبنات ان نراقب أداءهم وسلوكهم في الدراسة وخارج البيت.. والولد يصيع والبنت تضيع لغياب الحد المعقول من الضبط والربط التربوي.. عندما كان أكبر أولادي يدرس في نيوزيلندا كان يعرف انه لو جاب سيرة "عربية" فسأحرمه من الميراث.. ومن دون يبلغني كان يعمل بعد انتهاء اليوم الدراسي في شركة كمبيوتر وجمع نحو 800 دولار أمريكي واشترى بها سيارة ولم أعلم بذلك إلا بعد ان تعرض لحادث كسرت فيه ساقه وبعدها علم معنى "ربنا على المفتري" ولم يكلف نفسه حتى عناء بيع سيارته الأثرية تلك "خردة".

الحمار الذي هزم الكبار
لن أكتب عن غزة مهما تكاثرت علي الضغوط، وسامحوني إذا وجدتموني "انصرافيا" وانا احكي لكم عن المزارع الذي أزعجه حمار طفيلي كان يعتدي يوميا على مزرعته ويفتك بمحاصيله، فما كان من المزارع إلا ان قرر الصمود والتصدي للحمار فوقف بالقرب منه وصاح فيه: اسمع انت يا حمار يا ابن الحمارة॥ نعم ابن حمارة لأنك بالتأكيد لا تعرف من يكون أبوك يا حيوان يا غبي॥ اخرج من مزرعتي وإلا سيكون لي معك "تصرف آخر".. ولكن الحمار طنش كل ذلك السباب وواصل أكل المزروعات.. بعدها بأيام عاد المزارع يحمل لافتة ضخمة كتب عليها: أخرج من مزرعتي يا تافه يا قليل الأصل يا ابن السفاح!! ونصب اللافتة في قلب المزرعة فابتعد الحمار عنه وواصل الأكل، بل إمعانا في استفزاز المزارع نثر محتويات مثانته وأمعائه في أنحاء مختلفة من المزرعة।شعر أهل القرية أنه من غير اللائق ترك ذلك المزارع يواجه الحمار العنيد بمفرده فتجمعوا وشتموا الحمار شتيمة الأراذل مستخدمين ألفاظا تخدش الحياء وتطعن في شرف الحمار وأسلافه.. ولكن وبما أن الحمار "حمار" فإنه لم يأبه للشتائم وظل يتنقل من حوض نباتات الى آخر مستمتعا بالوجبات الطازجة.. ولكن اهل القرية لم ييأسوا فقد عكفوا لعدة أيام على صنع مجسم يشبه الحمار الطفيلي ثم أتوا بالمجسم ووضعوه قرب الحمار وسكبوا عليه (على المجسم) البنزين وأشعلوا فيه النار.. فابتعد الحمار قليلا عن اللهب واستمر في أفاعيله ولسان حاله يقول: يا جبل ما يهزك ريح.. هنا صاح المزارع: يا جماعة مفيش فايدة ويجب التوصل الى تسوية مشرفة مع هذا الحمار.. وهكذا وعلى مدى عدة أيام ظل يعمل ليل نهار على إقامة سياج خشبي يقسم مزرعته الى نصفين، ولما اكتمل السياج صاح في الحمار: أمري لله فقد تركت لك نصف المزرعة تسرح وتمرح فيها، ومطرح ما يسري يهري، وحار ونار في جتتك يا بارد يا سخيف يا معفن يا نتن।في اليوم التالي جاء المزارع الى نصف الحقل الذي يخصه وفوجئ بأن الحمار قد ترك النصف الذي خصصه له بعد تحطيم السياج وأشبع المزروعات في النصف الآخر فتكا وتقطيعا عشوائيا.. جلس المزارع "يلطم" ويبكي حظه قبالة الحمار: ربنا على المفتري الظالم.. حد مسلطك عليّ؟ اشمعنى أنا من دون الناس؟ ما لقيت غير مزرعتي هذه؟ ألا يكفيك نصفها لأعيش أنا وعائلتي الممتدة من ريع النصف الآخر؟.. التف حوله أهل القرية يواسونه ويقولون إنهم سيفكرون في خطط جديدة لإخراج الحمار من الحقل.. وفجأة ارتفع صوت صبي صغير: أنا استطيع ان أخلصكم من الحمار.. ضحكوا وقالوا له: روح يا ولد ألعب مع أصحابك وبلاش فصاحة وتطاول أمام الكبار، ولكن الصبي تقدم نحو الحمار وانهال عليه ضربا بعصا كانت في يده ففر الحمار حتى اختفى عن الأنظار.قال أهل القرية: ما يصير هيك.. هذا الولد السفروت ينجح فيما فشلنا فيه؟ سنصبح أضحوكة بين أهل القرى المجاورة.. وانطلق بعضهم نحو الصبي وامسكوا به وأشبعوه ضربا حتى مات .. قالوا: لا حول ولا قوة إلا بالله.. عالجنا فضيحتنا بجريمة.. ثم تشاوروا وقالوا إن أفضل مخرج من المأزق هو إعلان ان الفتى شهيد..هل عرفتم لماذا لا يريد صاحب عيال مثلي أن يكتب عن غزة؟
مختارات من اجمل المقالات للكاتب السوداني الكبير جعفر عباس

اقرأ المزيد..

حوار بين الانسان والحب

ان شاء الله يكون الحوار درس عبره لمن لا يعتبر ...



أهلا وسهلا باجمل وانقى والطف احساس فى الدنيا .
أهلا وسهلا بيك ..
تسمح لنا ندخل معاك فى حوار بسيط لنتعرف على ادق الاسرار منك ؟؟
بكل سرور طبعا واعدك بذلك .
اوكى دعنا نطرح عليك الاسئله وعليك انت الاجابه بكل صدق .
لماذا أبتعدت عنا يا حب ؟
أنتم من جعلتموني أبتعد عنكم .
معنى ذلك أننا في زمن ليس فيه حب ؟
أنا موجود داخل كل قلب ينبض ويعرف معنى الحب الحقيقي ولكنها تندر هذه الايام وتقل .
من أنت أذن ؟
أنا مشاعر متأججة تحرك قلوب البشر دون أن تدري * أغلفها بالحنان والرقة والعطف وانا من حول الحلم حقيقه انا من جمل الحياه .
متى نعرف أنك ولدت بداخلنا ؟
عندما يخفق قلبك سريعاً * وترتجف عندما ترى إنسانه بعينها
وتتوه كل الكلمات من على شفتيها وتنسى كل من حولك إلا من أحببت
تتخيلها في مكان أنت فيه هنا تعرف أنني ولدت بداخلك .
من يبحث عن الآخر أنت أم الإنسان ؟
الإنسان دوماً يبحث عني .
لماذا لا تبحث انت عنه ؟
لأنني موجود بالفعل داخله لكني أختار الوقت المناسب لأظهر .
لماذا الإنسان يتلاعب باسمك ؟
لأن الدنيا حالياً تغلب عليها المصالح و الأهواء الشخصية والرغبات فأصبحت كلمة الحب نادرة بين البشر وتم أستغلالها بينهم حتى يصلون
إلى ما يريدون
لماذا لا تأت في الوقت الذي يكون الإنسان محتاجاً إليك فيه ؟
إذا حصلت على شيء بصعوبة ستحافظ عليه و أنا كذلك إذا وصل الإنسان
إلي بصعوبة سيعرف كيف يحافظ علي ولا أضيع منه أبداً .
لماذا تؤلم من أحبك ؟
كي يعرف مقدار حبه عند من أحب ومقدار من أحب عنده وهذا هو معيار الحب الحقيقى .
لماذا تجعلنا نحب من لا يستحقك ؟
الإنسان الذي لا يستحق الحب هو من أستغلني ولم يكن هدفه الحب لذا
أستطاع أن يتلاعب بالكلمات ومن أحب بصدق يفعل كل شيء لإثبات حبه *
ولكي تحافظ وتقدر معنى الحب يجب أن تمر بتجارب تجعلك تعرف متى
تقابل الحب الحقيقي وكيف تحافظ عليه .
إذا علمنا كيف نحافظ عليك إذا وجدناك حقيقة ؟
أجعل هدفك الحب ذاته سترى كل الضغوط التي حولك ما هي إلا مرحلة
لخطوة أكبر نحو حب أعظم يكلل بالأستقرار .
متى تقرر الإنسحاب ؟
عندما أجد من لا يريد الأحتفاظ بي ويحملني ذنباً ليس لي شأن به .
لماذا لم تكتمل قصصك في بعض الأحيان ؟
لأن القدر والنصيب أقوى منى .
هل تستطيع أن تتغلب على الفقر ؟
أنا و الإرادة جبهة ضد الفقر .
انت حقيقة ام خيال ؟
أنا حقيقة وأنتم من جعلتموني خيالاً .
هل ستتركنا بعد ذلك ؟
لا أستطيع أن أترككم لكني أختار أوقاتا أبتعد فيها حتى تعرفون
معنى الحب بينكم وتقدرون قيمته عندما تشعرون بفقده .
إلى أين انت ذاهب ؟
سأنتشر داخل القلوب و اتحدى كل الضغوط * وسأقف أمام الصعاب كي
يصبح الحب إنساناً .
ولي الاسف في هذا الزمن ماصار في حب حقيقي صار الحب لعبه
اقرأ المزيد..

02‏/05‏/2010

وطن بلا وطن

يَحــــار فـــيك يا وطــــنْ مـَن يـهمـه حــال الوطــــنْ
المواطــن فيك ً يا وطــنْ مــــواطنـــاً دون وطـــــــنْ
والـغريـب فـيك يا وطــنْ ســـيد الــقوم فـي الوطـــنْ
يــُردم بـحـرك يا وطـــنْ ويُــحـفر ســهلك يا وطـــنْ
فالبحر يشكو من الوطنْ والسهل يشـكو في الوطـنْ
يَــجوع فــيك يا وطــــنْ أهــل الجــذور في الوطـــنْ
ويـَسمـن فـيك يا وطــنْ كــل مـن لـيس له وطـــــنْ
يـقـودك أيـها الــوطـــنْ أصحاب الرؤية في الوطنْ
جعلوك سـوقاً يا وطــنْ يُـزايد فِـيه عـلى الـوطـــنْ
عـجيب أمـرك يا وطــنْ تُـبـاع مـن أجـل الـوطـــنْ
أصبحت وطناً يا وطــنْ لِـمـن له الــمــال وطـــــنْ
أيـكون حُـراس الوطــنْ هـم عـين سُـراق الـوطــنْ
فـكيف يـُهـدم الـوطـــنْ بـأيـدي أبنـــاء الــوطــــنْ
وكـيف نطالب يا وطــنْ أن تكــون حقــــا وطـــــنْ
فـأي مــعناً للــوطـــــنْ إن لــم يـكــن حقــاً وطــنْ
أسـفي عـليك يا وطــنْ وعلـى من كـنت له وطــنْ
إذ أنــك أيـها الــوطــنْ أصبحت وطــناً بلا وطـــنْ
فـهل تـكـون لنا وطــنْ وأنـت تبـحـث عـن وطـــنْ

اقرأ المزيد..
الجسر

مشياً على الأقدام،

أو زحفاً على الأيدي نعود

قالوا..

وكان الصخر يضمر

والمساء يداً تقود..

لم يعرفوا أنّ الطريق إلى الطريق

دمٌ، ومصيدةٌ، وبيد

كلّ القوافل قبلهم غاصت،

وكان النهر يبصق ضفتيه

قطعاً من اللحم المفتت،

في وجوه العائدين

كانوا ثلاثةً عائدين:

شيخٌ، وابنته، وجنديٌّ قديم

يقفون عند الجسر..



كان الجسر نعساناً، وكان الليل قبعةً.

وبعد دقائق يصلون. هل في البيت ماء؟

وتحسّس المفتاح ثم تلا من القرآن آية...



قال الشيخ منتعشاً: وكم من منزلٍ في الأرض يألفه الفتى

قالت: ولكنّ المنازل يا أبي أطلال !

فأجاب: تبنيها يدان..

ولم يتمّ حديثه، إذ صاح صوتٌ في الطريق: تعالوا !

وتلته طقطقة البنادق..

لن يمرّ العائدون

حرس الحدود مرابطٌ

يحمي الحدود من الحنين



أمرٌ بإطلاق الرصاص على الذي يجتاز هذا الجسر

هذا الجسر مقصلة الذي رفض التسوّل تحت ظلّ وكالة الغوث الجديده.

والموت بالمجّان تحت الذلّ والأمطار، من يرفضه يقتل عند هذا الجسر.

هذا الجسر مقصلة الذي ما زال يحلم بالوطن .



الطلقة الأولى أزاحت عن جبين الليل

قبعة الظلام

والطلقة الأخرى..

أصابت قلب جنديٍّ قديم

والشيخ يأخذ كفّ ابنته ويتلو

همساً من القرآن سوره

وبلهجةٍ كالحلم قال:

- عينا حبيبتي الصغيره

لي، يا جنود، ووجهها القمحيّ لي

لا تقتلوها، واقتلوني



كانت مياه النهر أغزر..

فالذين رفضوا هناك الموت بالمجّان أعطوا النهر لوناً آخراً.

والجسر، حين يصير تمثالاً، سيصبغ – دون ريبٍ-

بالظهيرة والدماء وخضرة الموت المفاجئ .

... وبرغم أنّ القتل كان كالتدخين..

لكنّ الجنود "الطيّبين"،

الطالعين على فهارس دفترٍ..

قذفته أمعاء السنين،

لم يقتلوا الاثنين..

كان الشيخ يسقط في مياه النهر

والبنت التي صارت يتيمه

كانت ممزّقة الثياب،

وطار عطر الياسمين

على صدرها العاري الذي

ملأته رائحة الجريمه

والصمت خيّم مرّةً أخرى،

وعاد النهر يبصق ضفتيه

قطعاً من اللحم المفتت

.. في وجوه العائدين

لم يعرفوا أنّ الطريق إلى الطريق

دمٌ ومصيدةٌ. ولم يعرف أحد

شيئاً عن النهر الذي

يمتصّ لحم النازحين



والجسر يكبر كلّ يومٍ كالطريق،

وهجرة الدم في مياه النهر تنحت من حصى الوادي

تماثيلاً لها لون النجوم، ولسعة الذكرى،

وطعم الحبّ حين يصير أكثر من عبادة .





جواز السفر

لم يعرفوني في الظلال التي

تمتصّ لوني في جواز السفر

وكان جرحي عندهم معرضاً

لسائح يعشق جمع الصور

لم يعرفوني، آه... لا تتركي

كفي بلا شمسٍ،

لأن الشجر

يعرفني...

تعرفني كل أغاني المطر

لا تتركيني شاحباً كالقمر!



كلّ العصافير التي لاحقت

كفى على باب المطار البعيد

كل حقول القمح،

كل السجون،

كل القبور البيض

كل الحدود،

كل المناديل التي لوحت،

كل العيون

كانت معي، لكنهم

قد أسقطوها من جواز السفر!



عارٍ من الاسم، من الانتماء ؟

في تربة ربّيتها باليدين؟

أيوب صاح اليوم ملء السماء:



لا تجعلوني عبرة مرتين!



يا سادتي! يا سادتي الأنبياء

لا تسألوا الأشجار عن اسمها

لا تسألوا الوديان عن أمها

من جبهتي ينشق سيف الضياء

ومن يدي ينبع ماء النهر

كل قلوب الناس... جنسيتي

فلتسقطوا عني جواز السفر!





يوميات جرح فلسطيني

-1-

نحن في حلٍّ من التذكار

فالكرمل فينا

وعلى أهدابنا عشب الجليل

لا تقولي: ليتنا نركض كالنهر إليها،

لا تقولي!

نحن في لحم بلادي... وهي فينا!



-2-

لم نكن قبل حزيران كأفراخ الحمام

ولذا، لم يتفتّت حبنا بين السلاسل

نحن يا أختاه، من عشرين عام

نحن لا نكتب أشعاراً،

ولكنا نقاتل



-3-

ذلك الظل الذي يسقط في عينيك

شيطان إله

جاء من شهر حزيران

لكي يعصب بالشمس الجباه

إنه لون شهيد

إنه طعم صلاه

إنه يقتل أو يحيي،

وفي الحالين! آه !



-4-

أوّل الليل على عينيك، كان

في فؤادي، قطرةً من آخر الليل الطويل

والذي يجمعنا، الساعة، في هذا المكان

شارع العودة

من عصر الذبول.



-5-

صوتك الليلة،

سكينٌ وجرحٌ وضماد

ونعاس جاء من صمت الضحايا

أين أهلي؟

خرجوا من خيمة المنفى، وعادوا

مرة أخرى سبايا!



-6-

كلمات الحب لم تصدأ، ولكن الحبيب

واقعٌ في الأسر – يا حبي الذي حمّلني

شرفاتٍ خلعتها الريح...

أعتاب بيوت

وذنوب.

لم يسع قلبي سوى عينيك،

في يوم من الأيام،

والآن اغتنى بالوطن!



-7-

وعرفنا ما الذي يجعل صوت القبّرة

خنجراً يلمع في وجه الغزاة

وعرفنا ما الذي يجعل صمت المقبرة

مهرجاناً... وبساتين حياة!



-8-

عندما كنت تغنين، رأيت الشرفات

تهجر الجدران

والساحة تمتد إلى خصر الجبل

لم نكن نسمع موسيقى،

ولا نبصر لون الكلمات

كان في الغرفة مليون بطل!



-9-

في دمي، من وجهه، صيفٌ

ونبض مستعار.

عدت خجلان إلى البيت،

فقد خرّ على جرحي... شهيدا

كان مأوى ليلة الميلاد

كان الانتظار

وأنا أقطف من ذكراه... عيدا!



-10-

الندى والنار عيناه،

إذا ازددت اقتراباً منه غنّى

وتبخرت على ساعده لحظة صمت، وصلاه

آه سميه كما شئت شهيدا

غادر الكوخ فتى

ثم أتى، لما أتى

وجه إله!



-11-

هذه الأرض التي تمتصّ جلد الشهداء

تعد الصيف بقمح وكواكب

فاعبديها!

نحن في أحشائها ملح وماء

وعلى أحضانها جرح... يحارب



-12-

دمعتي في الحلق، يا أخت،

وفي عينيّ نار

وتحررت من الشكوى على باب الخليفة

كل من ماتوا

ومن سوف يموتون على باب النهار

عانقوني، صنعوا مني... قذيفة!



-13-

منزل الأحباب مهجور،

ويافا ترجمت حتى النخاع

والتي تبحث عني

لم تجد مني سوى جبهتها

أ تركي لي كل هذا الموت، يا أخت.

أ تركي هذا الضياع

فأنا أضفره نجماً على نكبتها



-14-

آه يا جرحي المكابر

وطني ليس حقيبة

وأنا لست مسافر

إنني العاشق، والأرض حبيبة!



-15-

وإذا استرسلت في الذكرى!

نما في جبهتي عشب الندم

وتحسرت على شيئ بعيد

وإذا استسلمت للشوق،

تبنّيت أساطير العبيد

وأنا آثرت أن أجعل من صوتي حصاة

ومن الصخر نغم!



-16-

جبهتي لا تحمل الظل،

وظلي لا أراه

وأنا أبصق في الجرح الذي

لا يشغل الليل جباه!

خبئي الدمعة للعيد

فلن نبكي سوى من فرح

ولنسمّ الموت في الساحة

عرساً... وحياه!



-17-

وترعرعت على الجرح، وما قلت لأمي

ما الذي يجعلها في الليل خيمة

أنا ما ضيّعت ينبوعي وعنواني واسمي

ولذا أبصرت في أسمالها

مليون نجمة!



-18-

رايتي سوداء،

والميناء تابوتٌ

وظهري قنطرة

يا خريف العلم المنهار فينا

يا ربيع العالم المولود فينا

زهرتي حمراء،

والميناء مفتوح،

وقلبي شجره!



-19-

لغتي صوت خرير الماء

في نهر الزوابع

ومرايا الشمس والحنطة

في ساحة حرب

ربما أخطأت في التعبير أحياناً

ولكن كنت – لا أخجل – رائع

عندما استبدلت بالقاموس قلبي!



-20-

كان لا بد من الأعداء

كي نعرف أنا توأمان!

كان لا بد من الريح

لكي نسكن جذع السنديان!

ولو أن السيد المصلوب لم يكبر على عرش الصليب

ظل طفلاً ضائع الجرح... جبان.



-21-

لك عندي كلمه

لم أقلها بعد،

فالظل على الشرفة يحتل القمر

وبلادي ملحمة

كنت فيها عازفاً... صرت وتر!



-22-

عالم الآثار مشغول بتحليل الحجارة

إنه يبحث عن عينيه في ردم الأساطير

لكي يثبت أني:

عابر في الدرب لا عينين لي!

لا حرف في سفر الحجارة!

وأنا أزرع أشجاري، على مهلي،

وعن حبي أغني!



-23-

غيمة الصيف التي... يحملها ظهر الهزيمة

علّقت نسل السلاطين

على حبل السراب

وأنا المقتول والمولود في ليل الجريمة

هاأنا ازددت التصاقاً... بالتراب!



-24-

آن لي أن أبدل اللفظة بالفعل، وآن

لي أن أثبت حبي للثرى والقبّرة

فالعصا تفترس القيثار في هذا الزمان

وأنا أصفرّ في المرآة،

مذ لاحت ورائي شجرة!





الرجل ذو الظل الأخضر




نعيش معك

نسير معك

نجوع معك

وحين تموت

نحاول ألاّ نموت معك!

ولكن،

لماذا تموت بعيداً عن الماء

والنيل ملء يديك؟

لماذا تموت بعيداً عن البرق

والبرق في شفتيك؟

وأنت وعدت القبائل

برحلة صيف من الجاهلية

وأنت وعدت السلاسل

بنار الزنود القوية

وأنت وعدت المقاتل

بمعركة... ترجع القادسية



نرى صوتك الآن ملا الحناجر

زوابع

تلو

زوابع...

نرى صدرك الآن متراس ثائر

ولافتة للشوارع

نراك

نراك

نراك...

طويلاً

...كسنبلةٍ في الصعيد

جميلاً

...كمصنع صهر الحديد

وحراً

... كنافذة في قطار بعيد...

ولست نبيّاً،

ولكن ظلّك أخضر

أتذكر؟

كيف جعلت ملامح وجهي

وكيف جعلت جبيني

وكيف جعلت اغترابي وموتي

أخضر

أخضر

أخضر...

أتذكر وجهي القديم؟

لقد كان وجهي يحنّط في متحف إنجليزي

ويسقط في الجامع الأمويّ

متى يا رفيقي؟

متى يا عزيزي؟

متى نشتري صيدلية

بجرح الحسين... ومجد أميّة

ونبعث في سدّ أسوان خبزاً وماء

ومليون كيلواط من الكهرباء؟

أتذكر؟

كانت حضارتنا بدوياً جميل

يحاول أن يدرس الكيمياء

ويحلم تحت ظلال النخيل

بطائرة... وبعشر نساء

ولست نبيّاً

ولكن ظلّك أخضر...

نعيش معك

نسير معك

نجوع معك

وحين تموت

نحاول ألا نموت معك

ففوق ضريحك ينبت قمحٌ جديد

وينزل ماء جديد

وأنت ترانا

نسير

نسير

نسير।

من روائع محمود درويش

اقرأ المزيد..

المعاكسات الهاتفية

إن المعاكس ذئب يغري الفتاة بحيلة

يقول هيا تعالي إلى الحياة الجميلة

قالت: أخاف العار والاغراق في درب الرذيلة

والأهل والخلان والجيران بل كل القبيلة

قال الخبيث بمكر لا تقلقي يا كحيلة

إنا إذا التقينا أمامنا ألف حيلة

متى يجيء خطيب في ذي الحياة المليلة

لكل بنت صديق وللخليل خليله

يذيقها الكأس حلواً ليسعدا كل ليلة

للسوق والهاتف والملهى حكايات جميلة

إنما التشديد والتعقيد أغلال ثقيلة

ألا ترين فلانة؟ ألا ترين الزميلة؟

وإن أردت سبيلاً فالعرس خير وسيلة

وانقادت الشاة للذئب على نفس ذليلة

فيما لفحش آتته ويا فعال وبيلة

حتى إذا الوغد أروى من الفتاة غليله

قال اللئيم وداعاً ففي البنات بديلة

قالت ألما وقعنا؟ أين الوعود الطويلة؟

قال الخبيث وقد كشر عن مكر وحيلة

كيف الوثوق بغر؟ وكيف أرضى سبيله؟

من خانت العرض يوماً عهودها مستحيلة

بكت عذاباً وقهراً على المخازي الوبيلة

عار ونار وخزي كذا حياة ذليلة

من طاوع الذئب يوماً أورده الموت غيلة

اقرأ المزيد..

01‏/05‏/2010

الشمس تاتي من النافذة



الشمس تأتي من النافذة، وصباحي هذا اليوم بدأ بإشراق شمس الصيف وانسكاب أشعتها في غرفتي حين لم أسدل الستار. ولعل أمي تنتظرني لتلقي عليّ كلمات اللوم والعتب حين لم أسدله وتركت زجاج النافذة يعلن عن وجودي خلفه، فيتلصص الجيران. ما زلت مستلقية على السرير أحاول استذكار ما رأيته في المنام وكعهدي بالأمر لا أتذكر غير مشاهد متقطعة من حدث طويل غير مترابط. أرى شيخ القرية الميت يخرج من المقبرة مذعوراً .. وصوت يصيح:
أيها الموتى .. تذكروني حين تمسون وتصبحون
أنا هنا ..
منكر ونكير
ويتعالى صوت قهقهات .. ضحكة ماجنة بصوتٍ أنثوي
وشيخ القرية .. عارٍ أبداً سوى من رداءٍ أبيض يستر عورته .. ويجري .. والضحكة ماجنة تجري خلفه
وهو يصيح .. "لا إغراء بعد اليوم"

كثيراً ما يشغلني حال الناس بعد الممات، شيخ قريتنا الذي مات تاركاً أربع نساء إحداهن لا تنجب وأخرى تزوجها إثر طلاقها من زوجها الأول وثالثة توقف في محطة قطارها الذي فاتها الوصول إليه ورابعة كانت الزوجة الأولى المقهورة إثر زيجاته بعدها. ذلك الشيخ الذي طالما كان مادة لتعليقات صديقاتي وأنا .. إحدى صديقاتي ترفض هذا النوع من الرجال .. يتزوج من أربع من أجل إطفاء شهوته .. ما ذنبهن ليتقاسمن رجلاً واحد .. لا توجد امرأة لا تشعر بالغيرة .. الغيرة هي أصعب شعور يمكن لامرأة أن تتحمله .. إنه يتلف الأعصاب ويجعل المرء يشيخ. ولكن هذا الشيخ استغل ظروف نسائه الأربع ليقبلن الزواج به. وكما يقول المثل ظل رجل ولا ظل الحيط. ضحكنا سوية حين قالت إحدانا: هو رجل لفر ط بدانته يبدو كالحائط يا صديقتي!
اشششش رحمه الله قد رأيته في الحلم سعيداً بدون غرائز. إنه جسد ميت فقط الآن.
الغرائز جسدية أم روحية؟

يصلني صوت أمّي وصوت طرقاتها على الباب حاداً، تحثني على القيام وتنهرني لأني أقفله بالمفتاح، أبدل وضعية نومي وأستلقي على جانبي الآخر وأفكر، مظلومة هي أنا، إن كنت في غرفتي والباب مقفلٌ عليّ أحتاج للمزيد من ثقتهم فكيف بي حين أخرج؟ نهضت حاملةً هذه الجملة على طرف لساني ثم ألقيتها على مسامع أمي وهي تعدّ الخبز والبيض. فتمتمت: أنتِ لا تسدلين الستار على نافذتك.. أنا أعرفك! وكسرت المزيد من البيض في المقلاة.
انصرفتُ فتمتمتْ: وأبوك سيعرف
كان لزاماً عليّ في هذا اليوم أن أخرج منذ الصباح الباكر، أي ما قبل الساعة الثامنة لأصل إلى المصرف في حدودها وأنهي عملية الاقتراض قبل حلول التاسعة حيث تبدأ مع بدايتها الحصة الأولى ليوم الأربعاء والتي ألقي من خلالها درسي على طالباتي.

فور انتهائي من ترتيب هندامي، سكبت ما تبقى من العطر على عباءتي .. نظرت إلى المرآة ووضعت الحجاب على رأسي، وهممت بالخروج، أخفيت وجهي عن أمي التي كانت تدعوني لتناول الفطور حتى لا تلمح الكحل الذي وضعته في عينيّ. أنا لا أضعه كل يوم وإنما أضعه في بعض المناسبات لأواكب ما تفعله الكثيرات. حسناً قريناتي لم يكن يملكن من الحرية ما يفوقني كثيراً فالفارق بسيط. أخبرتني إحداهن يوماً أنها تودُّ لو تخلع الحجاب لتتمكن من تحرير خصلات شعرها بعد أن صبغته بلونٍ أشقر. تتساءل لمن أصبغه إن لم يره الناس؟ فضحكنا حينها وتحدثت مع نفسي:
لا تقصد الناس عموماً، بل تقصد الرجال ! صديقتي وأعرفها

فلمن أضع الكحل؟ أشعر بالخجل من نفسي. أو الذل. هل أبحث عن رجلٍ ما؟ أضع الكحل لينتبه إلى جمال عينيّ أو أضعه لأشعر بالزهو نحو نفسي ونظرات الرجال تتعلّق بي؟
عاودت النظر إلى نفسي من خلال المرآة الأمامية للسيارة، لم أضع سوى الكحل ووجه أبي ماثلٌ أمامي في صفحة المرآة يشعرني بالإثم!

تركته قابعاً في المرآة ونظرت عبر النافذة للشارع يحكي لي ألف قصة في عين كل امرأة تعبره .. وأشعة الشمس ما زالت تأتي من النافذة!
الراديو يصدح ..
أعطني حريتي أطلق يـديّ .. إننـي أعطيت ما أبقيت شيّــا
آه من قيدك أدمى معصمي .. لـِـم أبقيــه وما أبـــقى علــيّ
هذا المقطع من الأغنية يشعرني بقوة غريبة، كأنه ابتـُكر من أجلي.
أفكاري والأغنية ونفسي التي تحدثني صنعوا جميعاً أفقاً بعيداً أمامي لا أعرف أين سينتهي .. ابتعدت كثيراً عن وجهتي الصحيحة .. اضطررت إلى عبور ذات الطريق ثلاث مرات حتى اهتديت إلى الوجهة الصحيحة.
ركنت السيارة في الموقف وانطلقت مسرعة للمصرف وظللت ألعن نفسي حين لمحت عقارب الساعة وفيها الوقت يوشك أن يقطعني.
المصرف كان يضج بالناس، الموظفات فيه جميلات كلهن سافرات، يلبسن من الثوب القصير والمثير، أنا لا أستطيع أن أمنع نفسي من التلصص والنظر لأجسادهن فكيف بالرجال! لا إنها ليست الأولى التي أدخل فيها إلى أحد المصارف، وليست الأولى التي ألمح فيها سيدات متبرجات ولكنها الأولى التي أضع نفسي في ملابسهن. هل أبحث عن ذلك؟ لا أدري. اخترت مهنة التدريس لأبتعد عن الرجال. هكذا قال والدي. ولكن الحياة تأخذني يا أبي إلى أكثر من جهة. وأنا أشعر بالضعف حين أرى شجاعتهن! لم أشعر يوماً أن الحجاب المادي يُضعفني. ولكنه ذلك الحجاب الآخر الذي أجبرني منذ كنت طفلة على البقاء محتجبة عن كل شيء ملأى بالضعف. لماذا نرتدي حجابين؟
إن كان الحجاب على رأسي ذاته من يمنع الرجال من رؤية شعري ووجهي. فلماذا ألبس آخر يغطي روحي؟


أريد أن أصبح قوية يا أبي، كأخرى رفعت يدها لعنان السماء ولم يبترها أحد
لا أريد أن أختبئ خلف الستار حين تأتي الشمس من النافذةوصباحي هذا اليوم بدأ بإشراق شمس الصيف وانسكاب أشعتها في غرفتي حين لم أسدل الستار. ولعل أمي تنتظرني لتلقي عليّ كلمات اللوم والعتب حين لم أسدله وتركت زجاج النافذة يعلن عن وجودي خلفه، فيتلصص الجيران. ما زلت مستلقية على السرير أحاول استذكار ما رأيته في المنام وكعهدي بالأمر لا أتذكر غير مشاهد متقطعة من حدث طويل غير مترابط. أرى شيخ القرية الميت يخرج من المقبرة مذعوراً .. وصوت يصيح:
أيها الموتى .. تذكروني حين تمسون وتصبحون
أنا هنا ..
منكر ونكير
ويتعالى صوت قهقهات .. ضحكة ماجنة بصوتٍ أنثوي
وشيخ القرية .. عارٍ أبداً سوى من رداءٍ أبيض يستر عورته .. ويجري .. والضحكة ماجنة تجري خلفه
وهو يصيح .. "لا إغراء بعد اليوم"

كثيراً ما يشغلني حال الناس بعد الممات، شيخ قريتنا الذي مات تاركاً أربع نساء إحداهن لا تنجب وأخرى تزوجها إثر طلاقها من زوجها الأول وثالثة توقف في محطة قطارها الذي فاتها الوصول إليه ورابعة كانت الزوجة الأولى المقهورة إثر زيجاته بعدها. ذلك الشيخ الذي طالما كان مادة لتعليقات صديقاتي وأنا .. إحدى صديقاتي ترفض هذا النوع من الرجال .. يتزوج من أربع من أجل إطفاء شهوته .. ما ذنبهن ليتقاسمن رجلاً واحد .. لا توجد امرأة لا تشعر بالغيرة .. الغيرة هي أصعب شعور يمكن لامرأة أن تتحمله .. إنه يتلف الأعصاب ويجعل المرء يشيخ. ولكن هذا الشيخ استغل ظروف نسائه الأربع ليقبلن الزواج به. وكما يقول المثل ظل رجل ولا ظل الحيط. ضحكنا سوية حين قالت إحدانا: هو رجل لفر ط بدانته يبدو كالحائط يا صديقتي!
اشششش رحمه الله قد رأيته في الحلم سعيداً بدون غرائز. إنه جسد ميت فقط الآن.
الغرائز جسدية أم روحية؟

يصلني صوت أمّي وصوت طرقاتها على الباب حاداً، تحثني على القيام وتنهرني لأني أقفله بالمفتاح، أبدل وضعية نومي وأستلقي على جانبي الآخر وأفكر، مظلومة هي أنا، إن كنت في غرفتي والباب مقفلٌ عليّ أحتاج للمزيد من ثقتهم فكيف بي حين أخرج؟ نهضت حاملةً هذه الجملة على طرف لساني ثم ألقيتها على مسامع أمي وهي تعدّ الخبز والبيض. فتمتمت: أنتِ لا تسدلين الستار على نافذتك.. أنا أعرفك! وكسرت المزيد من البيض في المقلاة.
انصرفتُ فتمتمتْ: وأبوك سيعرف
كان لزاماً عليّ في هذا اليوم أن أخرج منذ الصباح الباكر، أي ما قبل الساعة الثامنة لأصل إلى المصرف في حدودها وأنهي عملية الاقتراض قبل حلول التاسعة حيث تبدأ مع بدايتها الحصة الأولى ليوم الأربعاء والتي ألقي من خلالها درسي على طالباتي.

فور انتهائي من ترتيب هندامي، سكبت ما تبقى من العطر على عباءتي .. نظرت إلى المرآة ووضعت الحجاب على رأسي، وهممت بالخروج، أخفيت وجهي عن أمي التي كانت تدعوني لتناول الفطور حتى لا تلمح الكحل الذي وضعته في عينيّ. أنا لا أضعه كل يوم وإنما أضعه في بعض المناسبات لأواكب ما تفعله الكثيرات. حسناً قريناتي لم يكن يملكن من الحرية ما يفوقني كثيراً فالفارق بسيط. أخبرتني إحداهن يوماً أنها تودُّ لو تخلع الحجاب لتتمكن من تحرير خصلات شعرها بعد أن صبغته بلونٍ أشقر. تتساءل لمن أصبغه إن لم يره الناس؟ فضحكنا حينها وتحدثت مع نفسي:
لا تقصد الناس عموماً، بل تقصد الرجال ! صديقتي وأعرفها

فلمن أضع الكحل؟ أشعر بالخجل من نفسي. أو الذل. هل أبحث عن رجلٍ ما؟ أضع الكحل لينتبه إلى جمال عينيّ أو أضعه لأشعر بالزهو نحو نفسي ونظرات الرجال تتعلّق بي؟
عاودت النظر إلى نفسي من خلال المرآة الأمامية للسيارة، لم أضع سوى الكحل ووجه أبي ماثلٌ أمامي في صفحة المرآة يشعرني بالإثم!

تركته قابعاً في المرآة ونظرت عبر النافذة للشارع يحكي لي ألف قصة في عين كل امرأة تعبره .. وأشعة الشمس ما زالت تأتي من النافذة!
الراديو يصدح ..
أعطني حريتي أطلق يـديّ .. إننـي أعطيت ما أبقيت شيّــا
آه من قيدك أدمى معصمي .. لـِـم أبقيــه وما أبـــقى علــيّ
هذا المقطع من الأغنية يشعرني بقوة غريبة، كأنه ابتـُكر من أجلي.
أفكاري والأغنية ونفسي التي تحدثني صنعوا جميعاً أفقاً بعيداً أمامي لا أعرف أين سينتهي .. ابتعدت كثيراً عن وجهتي الصحيحة .. اضطررت إلى عبور ذات الطريق ثلاث مرات حتى اهتديت إلى الوجهة الصحيحة.
ركنت السيارة في الموقف وانطلقت مسرعة للمصرف وظللت ألعن نفسي حين لمحت عقارب الساعة وفيها الوقت يوشك أن يقطعني.
المصرف كان يضج بالناس، الموظفات فيه جميلات كلهن سافرات، يلبسن من الثوب القصير والمثير، أنا لا أستطيع أن أمنع نفسي من التلصص والنظر لأجسادهن فكيف بالرجال! لا إنها ليست الأولى التي أدخل فيها إلى أحد المصارف، وليست الأولى التي ألمح فيها سيدات متبرجات ولكنها الأولى التي أضع نفسي في ملابسهن. هل أبحث عن ذلك؟ لا أدري. اخترت مهنة التدريس لأبتعد عن الرجال. هكذا قال والدي. ولكن الحياة تأخذني يا أبي إلى أكثر من جهة. وأنا أشعر بالضعف حين أرى شجاعتهن! لم أشعر يوماً أن الحجاب المادي يُضعفني. ولكنه ذلك الحجاب الآخر الذي أجبرني منذ كنت طفلة على البقاء محتجبة عن كل شيء ملأى بالضعف. لماذا نرتدي حجابين؟
إن كان الحجاب على رأسي ذاته من يمنع الرجال من رؤية شعري ووجهي. فلماذا ألبس آخر يغطي روحي؟


أريد أن أصبح قوية يا أبي، كأخرى رفعت يدها لعنان السماء ولم يبترها أحد
لا أريد أن أختبئ خلف الستار حين تأتي الشمس من النافذة
منقول

اقرأ المزيد..

لا شيء يشبهك



لا شيء يشبهك انت..ربما لأنه لا شيء يشبة طعم وجودك بي..او حولي

أقلب صفحات الحكاية

أقرأها بتمعن..أنغمس في طقوسها وتفاصيلها..أحاور شخوصها وأبطالها..أتوقف عن صفحاتها الأخيرة

أعيد قرأتها مرات ومرات..أسافر في عهدك..فأكتشف أن لا شي في حكايتي يشبهك أنت

أقلب أحاسيس القلب

كأستحضر وجوها مرت بهذا القلب..افتش بين اكوام الاحاسيس المختلفة..أزيل الغبار عن مشاعر كانت

مشتعلة فب القلب يوما..انادي شوقا كان متأججا ذات حكاية فلا المح سوى شوقي لعينيك

فأكتشف ان لا شي في قلبي يشبهك أنت

أقلب زوايا الذاكرة

أستحضر الوجوه والزمان والمكان..أسكب ماء الذكرى على أحداث جفت..أسقي أغصان ذبلت

أتذكر أناسا جاؤا ليرحلوا..وآخرين رحلوا ليعودوا...أستنشق عطر بقاياهم..واختنق بغبار غيابهم

فأكتشف..ان لا شي في ذاكرتي يشبهم أنت

أقلب أكوام همومي

أعبث بهموم انطفت منذ زمن..أضيئها كالمصابيح..أعيدها الى الاشتعال..وانقب بين أحزان القلب

عن أحزان ادمتني..واحزان سرقتني مني..واخرى شوهت زوايا الفرح بي

فأكتشف..ان لا شي في همومي يشبهك أنت

أقلب سويعات الايام

فأصافح ساعة تذوقت بها الفرح..وساعة أحتسيت بها كأس المرار..وساعة منحتني الاحلام

وساعة سلبتني الاماني..وساعة راقصتها فوق محطات الحلم..وساعة راقصتني في محطات الالم

فأكتشف...ان لا شي في ايامي يشبهك أنت

أقلب صناديق الاحلام

أصافح حلما عاش في خيالي..واقبل وجنة حلم نما كالجنين في دمي..وامسج جبين حلم يتكيء في داخلي علي

عصاه كالشيخ المسن..وامد يدي الى حلم يستند الى جدار القلب كالمهزوم..واجمع شتات حلم مبعثر بجنون

واعاود الطيران مع حلم اعتدت الطيران فوق جناحيه إليك..فأكتشف ان لا شي في احلامي يشبهك أنت

أقلب جيوب الليالي

أقلب في معطف مساء اعتاد ان يهديك إليّ..واعاتب مساء كان يهديني غيابك

واستحضر مساء كان يأتي بك..وأشطب مساء كان يأتي خالي اليدين منك

.واسترحم مساء يأتي متضخما بالحنين إليك..وأتجاهل مساء يلح بالسؤال عنك

وأبكي في حضرة مساء مضى بك ولم يعد..فأكتشف..ان لا شي في ليلي يشبهك أنت

أقلب دفاتر العمر

أقرأ عناوين الايام..واترجم حروف الليالي..وافسر طلاسم الحزن..وابرر غياب الفرح

وأرسم صورتك فوق الغلاف..واضع اسمك عنوانا للعمر الجميل..وأقرؤك بعد النوم حلما

فأكتشف..ان لا شي في عمري يشبهك أنت

وقبل ان يرعبنا المساء

لن أسألك..لماذا لا يشبهك شي؟؟وحدي أملك الاجابة

ربما..لأني وحدي اعلم من امر وجودك بي مالا يعلمه سواي

وبعد أن ارعبنا المساء

يرعبني المساء..حين يأتي ..ولا تأتي

ويقتلني المساء..حين تأتي ولا تأتي


اقرأ المزيد..