10‏/06‏/2010

من دفاتر امرأة

هذه مقتطفات كتبتها الرائعة إلى حد الجنون حميدة نعنع :
من دفاتر امرأة
حبيب وتنتهي الغربة
منذ زمن وروحك تتأهب مترددة في العودة إليه.. فمتى سوف تشفين من طفولتك. من رفضك.. من مكابرتك... وتدركين انك امرأة ككل النساء!؟
أنت ككل النساء لست أقل ولا أكثر اعتدالاً أو حكمة أو دهاء. لست شذوذا في القاعدة ولست غريبة في هذا العالم الذي يمتد امام عينيك بعيدا وسع الوطن الممتليء تعاسة .. يوم ودعته ذلك الوداع الحزين, كنت تعرفين أو لعلك ادركت انك امرأة.. لست قدسية أو بطلة وبالتالي فأنت عاشقة وكثيرون مثلك عاشوا هذا الاحساس المضني بالحب .. المضني بالفراق.. من الملك سليمان إلى أراغون ....الى الرجل الذي أحببت واحترقوا بالجنون نفسه.
ما يقف بينك وبين الجنون هو تلك الكلمات المتعبة .. والكلمات كما الكتب تعلمك ان في داخل كل من يكتب مجنوناً يهدده, لكنه يستطيع اعتقال جنونه على الورق.. وربما أصبحت زمناً لتعرفي ذلك , فمثلت أمام العالم كله دور الإنسان الطبيعي وهو يعيش حالة مغايرة.
بعده.... وما أسى هذه الكلمة
بعده تصبح الكلمات المتعبه جسرك المعلق بينك وبين الآخرين وتتحولين الى نجمة شاردة بين الحلم واليد, تنبعث من وجهك موجة حنان تجعل البحر هادئاً والشاطيء متسعاً لايحده الأفق..قبله:كنت ترين المدن شوارع خالية تنتقلين بين الأماكن والأشياء ومواعيد العمل منغلقة على جروحك تخجلين من الإعلان عنها ..تخترعين لنفسك كلمات تساعدك على عدم الحب مثل الواجب .. الوطن... الأصدقاء... الوفاء... وبعده اكتشفت ان للحياة طعماً آخر.. ها أنت اليوم بعد غيابه ترين كل البشر متشابهين لكأنك السجين الذي يقاد الى زنزانة وهو واثق ان لا أحد سبقه اليها, لكنه سرعان ما يكتشف ضربات على الحائط وحروفاً ورسائل جدارية فيطمئن انه ليس وحده من واجه هذا القدر.. آنذاك يشعر بشيء من الراحة ويحلم بامكانية الهرب ذات يوم...
جميع نساء الأرض , بعد كلمة فراق أو نسيان , جميع رجال الأرض أيضا بعد هاتين الكلمتين هم رفاق سجنك.. يسكنون أجساداً ليست أجسادهم.. سجناء زمن ليس زمنهم..
ربما سيكون حبكما بعد اليوم أو بعد الفراق أكثر عمقا بواسطة اللا اتصال.. فهو ليس غيرك لأنه يشعر مثلك .. انك هو .. انه أنت .. إنكم جميعا مواطنو مملكة واحدة مفرداتها : الزمن.. الوحدة .. الحب .. الحياة.. الموت...
منذ غادرك وانت تعيشين لذة الانتظار الدائمة.. لذة الحاجة أن لا يكون بعيداً... وهو أيضا.. هل فهمت مؤخراً ان العلاقة بين انسان وآخر قائمة على سوء تفاهم والتباس فاذا لم يستطع أن يجد في وداعك الكلمات المناسبة افهمي إن اللغة وسيلة لا تطيع دائماً صاحبها.. وبالتالي فان حوار سكان هذي الأرض هو حوار التائهين ...بل حوار المستحيل..
ما أطول حكايتكما, بل ما أقساها.. دعيها إذا تعبر بين طيات شعرك كما يعبر البخور الآسيوي .. دعيها تمر دون أن تداعب جفونك بالبكاء.. واذا غفوت قبل ذلك فضمي حبه الى قلبك ولا تعتبريه موسماً من مواسم القمح .. وعندما يوقظك الفجر الرمادي احملي حبك واهربي الى ارض لايعتقل فيها الفرح.. هناك أعيد الاشياء اليه ولا تتركيه أسير لغة لاتطاوعه لان الانسان وحده بين الكائنات الحية يعرف كيف يستخدم اللغة لا ليقول شيئاً بل من أجل .. ألم ..أو... لذة الكلام...
هذا هو الحب جميل أن نقرأ عنه والأجمل أن نعيشه ونعيه...
إذا عليك أن تتغلبي على الفراق وتستعيدي الحب حتى لا يظل زمناُ مفقوداً في حياتك , لان عكسه لا يحمل إلا انتصارات هاربة...وقتية.. وزائلة .. فأنت بحاجة إلى حبيب.
حبيب وتنتهي الغربة
حميدة نعنع
من دفاتر امرأة

رد مع اقتباس

اقرأ المزيد..