28‏/12‏/2009

إلأى روح صديق قديم اسمه حسن

فتحت اليوم احدى المذكرات اثناء بحثي عن شيئ آخر..وجدت بعض الكلمات مكتوبة بحبر اسود بخط جميل ومتناسق لصديق اسمه العلوي حسن كتبها قبل 18 عاما ، العلوي كان حينها فتى نابغة يتابع دروسه في الأولى ثانوي تخصص رياضيات ...موريتاني أسمر طويل القامة...طيب القلب...مرهف الإحساس..لا يعرف شيئا عن أصوله سوى أنه ازداد في ورزازات وتربى هناك ..قست عليه الظروف كثيرا...وابتسمت له بعد القسوة ...ثم عادت الطاحونة من جديد لتبدد احلامه ليفصل  من الوظيفة..رأيته مؤخرا في شوارع أحدى مدن الصحراء مشردا...بثياب رثة بعد ان غادرة العائلة الى موريتانيا وبقي يتسكع وحيدا...بصراحة كان درسا صارخا في تقلبات الحياة ..كي لا أطيل، اليكم ماكتبه صديقي حسن :
مشيت...وتخبطت نحو الأمام في ليل حالك الظلمة ، تعثرت كثيرا وتعثرت ، سقطت ثم قمت فنفضت حالي بعد سنين من السقوط في هذا الظلام الذي يعكس حقائق الحالة كلها..لكنه يبقى كما كان دائما القيد الأخطبوطي ، قمت لأجدني غريبا ، ..وحيدا...مجنونا في الحقيقة تائها في كنهها العميق ، لم ينجلي الليل..بل تطاولت سدوله منذ الزمن البعيد..تحركت الخفافيش والبوم..فعرفت الكثير من أسرار الليل..المكسوة بلمعان زائف ..ذبلت ورودنا..وجفت الإبتسامة في السواد ..فبقيت مذعورا أمام هول واقعنا..تزاحمت خيالات الإنسان من حولي كأنها خيوط تشكيل معقدة ..فازداد عذابي وأملي ، خشيت أن تزيد حيرتي فأشقى من جنوني ، فرحت أسأل القريب عن البعيد والخيال عن الحقيقة...ولما لم أجد شيئا ، تهالكت على نفسي من كثرة العياء والجنون فحاولت استراق الزمن، ونمت في كنه ذاتي ،علني أجد ما أبحث عنه ، ولما لم أفق أيقظتني ذاتي بلهب جمرة ، أحرق بحثي عن الحقيقة ، وأطفأ نار صحوتي ..وكان هذا حين جائني هاتف من ذاتي يقول : انك كنت تبحث عن النور في اشتدادالظلامة...
وقد نسيت أنه كان أولا من الواجب أن تبحث عن سبب الظلمة.، يا صاحبي قد نسيت أو جهلت الكثير الذي كان يتحتم عليك علمه ...لقد اخترقت الظلام نحو الظلام...ارقبت بلهفة بزوغ الفجر...لكن لا شيئ تحقق...يا صاحبي قد طفش في ليلك الحمام..وتغافل الإمام...فبقيت مأموما تتخبط في الحلكة...يا صاحبي عش ظلامك بسعادة..ولا تمش بعيدا...

الطنطان بتاريخ : 10/05/1991

0 التعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك هنا